وَالْوَجْهُ الثَّانِي:
أَنَّ السُنَّةَ إِنَّمَا جَاءَتْ مُبِيِّنَةً لِلْكِتَابِ وَشَارِحَةً لِمَعَانِيهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} النَّحْلِ: ٤٤ .
وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الْمَائِدَةِ: ٦٧ ، وَذَلِكَ التَّبْلِيغُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ، وَهُوَ الْكِتَابُ.
وَبَيَانُ مَعَانِيهِ.
وَكَذَلِكَ فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَزَاهُ عَنَّا أَفْضَلَ الْجَزَاءِ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ ؛ فَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ مَوَارِدَ السُّنَّةِ وَجَدْتَهَا بَيَانًا لِلْكِتَابِ، هَذَا هُوَ الْأَمْرُ الْعَامُّ فِيهَا.
وَتَمَامُ بَيَانِ هَذَا الْوَجْهِ مَذْكُورٌ بَعْدُ١ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ أَصْلُ الْأُصُولِ، وَالْغَايَةُ الَّتِي تَنْتَهِي إِلَيْهَا أَنْظَارُ النُّظَّارِ وَمَدَارِكُ أَهْلِ الاجتهاد، وليس وراءه مرمى؛ فإنه كَلَامُ اللَّهِ الْقَدِيمُ: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} النَّجْمِ: ٤٢ .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} النحل: ٨٩ .
وقل: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} الْأَنْعَامِ: ٣٨ .
وَبَيَانُ هَذَا مَذْكُورٌ بَعْدُ٢ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
١ في المسألة الثانية من الدليل الثاني وهو السنة. "د".
٢ في المسألة الرابعة من السنة؛ فسيشرح فيها كيف أن الكتاب تضمن ما في السنة. "د".
وفي "ط": "أنه مذكور".