وَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالطَّرِيقِ يَقُولُ: "اجْلِسُوا". فَجَلَسَ بِالطَّرِيقِ، فَمَرَّ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ فَقَالَ: "مَا شَأْنُكَ؟ ". فَقَالَ سَمِعْتُكَ تَقُولُ اجْلِسُوا. فَقَالَ لَهُ: "زَادَكَ اللَّهُ طاعة"٢.
١ أخرجه أبو داود في "السنن" "كتاب الصلاة، باب الإمام يكلم الرجل في خطبته، ١/ ٢٨٦/ رقم ١٠٩١" -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" "٢/ ٢٠٦"- من طريق مخلد بن يزيد عن ابن جريج عن عطاء عن جابر به.
وقال أبو داود عقبه: "هذا يعرف مرسلًا، إنما رواه الناس عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومخلد هو شيخ". قلت: قال ابن حجر عنه في "التقريب": "صدوق له أوهام".
ومن أوهامه وصله لهذا الحديث، وقد خالفه الوليد بن مسلم؛ فرواه عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس لا عن جابر.
أخرجه ابن خزيمة في "الصحيح" "٣/ ١٤١-١٤٢/رقم ١٧٨٠"، والحاكم في "المستدرك" "١/ ٢٨٣-٢٨٤"، والبيهقي في "الكبرى" "٣/ ٢٠٥-٢٠٦".
وقال ابن خزيمة قبله: "إن كان الوليد بن مسلم ومن دونه حفظ ابن عباس في هذا الإسناد؛ فإن أصحاب ابن جريج أرسلوا هذا الخبر عن عطاء* عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وضعفه شيخنا الألباني بقوله في التعليق على "صحيح ابن خزيمة": "قلت: فيه مع الإرسال الذي أشار إليه الحافظ -أي: ابن خزيمة- عنعنة ابن جريج، وكذا الوليد، وكان يدلس تدليس التسوية، وهشام بن عمار كان يتلقن".
بقي بعد هذا أمر، وهو أن ابن عبد البر في "الجامع" "٢/ ١٦٦/ ١٦٣٢" أورد هذا الحديث بقوله: "وروي عن ابن مسعود أنه جاء يوم الجمعة ... "، ثم قال: "ذكره أبو داود في "كتاب الجمعة" من "السنن"؛ فأوهم صنيعه هذا المصنف -الشاطبي- أن الحديث من مسند ابن مسعود، وليس هو كذلك بل هو -عن أبي داود- من مسند جابر، والمصنف ينقل كثيرًا من الأحاديث ويعزوها أو يحكم عليها تقليدًا لغيره، وقد أكثر في هذا الكتاب من النقل عن ابن عبد البر رحمه الله تعالى.
٢ أخرجه البيهقي في "الدلائل" "٣/ ٢٥٦-٢٥٧"، والديلمي في "الفردوس" وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، كما في "كنز العمال" "رقم ٣٧١٧٠، ٣٧١٧١" بإسناد منقطع؛ فهو ضعيف.