لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِقْلَالِ، بَلْ مِنْ حَيْثُ الرِّقَابِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الرِّقَابَ هِيَ ضَوَابِطُ الْمَنَافِعِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِذَا ثَبَتَ١؛ انْدَفَعَ التَّنَافِي وَالتَّنَاقُضُ، وَصَحَّ الْأَصْلُ الْمُقَرَّرُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَحَاصِلُ الْأَمْرِ٢ أَنَّ الطَّلَبَيْنِ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى هَذَا الْمَجْمُوعِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا تَوَجَّهَ الطَّلَبُ إِلَى الْمَتْبُوعِ خَاصَّةً.
وَبَقِيَ هُنَا تَقْسِيمٌ مُلَائِمٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنَّ مَنَافِعَ الرِّقَابِ وَهَى الَّتِي قُلْنَا إِنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا عَلَى الْجُمْلَةِ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
مَا كَانَ فِي أَصْلِهِ بِالْقُوَّةِ لَمْ يَبْرُزْ إِلَى الْفِعْلِ لَا حُكْمًا وَلَا وُجُودًا؛ كَثَمَرَةِ الشَّجَرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ، وَوَلَدِ الْحَيَوَانِ قَبْلَ الْحَمْلِ، وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ، وَوَطْءٍ قَبْلَ٣ حُصُولِ التَّهْيِئَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَلَا خِلَافَ في هذا القسم أن المنافع هنا
١ أي: كون المنافع مقصودة غير مستقلة. "د".
٢ أي: حاصل هذا الأصل أنه لم يحصل توارد الطلبين المتنافيين أمرًا ونهيًا على الأصل وتابعه، بل توجه الطلب دائما إنما هو إلى المتبوع، وهذا هو المراد بكون الطلب المتوجه إلى التابع ملغى وساقط الاعتبار، أي: ما كان متوجها إليه عند انفراده لا يتوجه إليه عند كونه تابعا. "د".
٣ لا يحتاج إليه في المثالين الأولين؛ فإنه قيدهما بما يناسبهما، فهو قيد في خدمة العبد وما بعده، فإن المنفعة فيهما لم تبرز وجودا وهو واضح؛ لأن وجود الأمثلة الأربعة في أصلها بالقوة والاستعداد فقط، ولا حكمًا لأنها لم تعطِ حكم البارز المحسوس كما سيأتي في القسم الثالث. "د". وقال "ف": "هو قيد فيما تقدمه من الأمثلة"، وفي الأصل: "ووطئ قبل التهيئة".
قلت: في "ط": "ووطء الجارية قبل....".