كَانَ مِمَّا يُفْعَلُ١ أَوْ يُقَالُ؛ كَانَ وَاجِبَ الْفِعْلِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُفْعَلُ؛ فَوَاجِبُ التَّرْكِ، حَسْبَمَا يَتَقَرَّرُ بَعْدُ بِحَوْلِ اللَّهِ، وَذَلِكَ هُوَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ.
لَكِنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُقْتَدَى بِهِ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ حَيْثُ تُوجَدُ مَظِنَّةُ الْبَيَانِ؛ إِمَّا عِنْدَ الْجَهْلِ بِحُكْمِ الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ، وَإِمَّا عِنْدَ اعْتِقَادِ خِلَافِ الْحُكْمِ ٢، أَوْ مَظِنَّةِ اعْتِقَادِ خِلَافِهِ٣.
فَالْمَطْلُوبُ فِعْلُهُ بَيَانُهُ بِالْفِعْلِ، أَوِ الْقَوْلِ الَّذِي يُوَافِقُ الْفِعْلَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ مَنْدُوبًا مجهول الحكم، فإن كان مندوبًا و مظنة لِاعْتِقَادِ الْوُجُوبِ؛ فَبَيَانُهُ بِالتَّرْكِ أَوْ بِالْقَوْلِ الَّذِي يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ التَّرْكُ، كَمَا فَعَلَ فِي تَرْكِ الْأُضْحِيَّةِ وَتَرْكِ٤ صِيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَظِنَّةً لِاعْتِقَادِ عَدَمِ الطَّلَبِ أَوْ مَظِنَّةً لِلتَّرْكِ٥؛ فَبَيَانُهُ بِالْفِعْلِ وَالدَّوَامِ فِيهِ عَلَى وَزَانِ الْمَظِنَّةِ؛ كَمَا فِي السُّنَنِ وَالْمَنْدُوبَاتِ الَّتِي تُنُوسِيَتْ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ.
وَالْمَطْلُوبُ تَرْكُهُ بَيَانُهُ بِالتَّرْكِ، أَوِ الْقَوْلِ الَّذِي يُسَاعِدُهُ التَّرْكُ إِنْ كَانَ حَرَامًا، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا؛ فَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحُكْمِ، فَإِنْ كَانَ مَظِنَّةً لاعتقاد
١ أي: مأذونًا فيه بأقسامه الثلاثة؛ حتى المباح يصير في حقه واجبًا، ومثله يقال فيما لا يفعل بقسميه. "د".
٢ سقط من "ط".
٣ مثاله: أن يجهل قوم الحديث الوارد في الندب إلى التطوع قبل صلاة المغرب بعد الأذان، ويستنكروا ذلك؛ فعلى المبين أن يفعل ذلك ليحصل البيان لأن البيان في حقه واجب، ولعل من هذا ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا طلب أن يطعم من غير صيد غير المحرم، وطلب أن يطعم من الجعل الذي أخذوه على الرقية؛ قيامًا بواجب البيان، والله أعلم.
٤ خشية اعتقاد وجوبها ملحقة برمضان, أو اعتقاد أنها نافلة مكملة له كالنوافل البعدية في الصلاة؛ كما روي عن مالك فيها. "د".
٥ أي: لإهماله وعدم العناية به مع معرفتهم له؛ فبيانه بالفعل أي بقدر ما تزول الفكرة المخالفة أو ينشط الناس لفعله وإحيائه. "د".