التَّحْرِيمِ وَتَرَجَّحَ١ بَيَانُهُ بِالْفِعْلِ تَعَيَّنَ الْفِعْلُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ وَأَقْرَّ بِهِ٢، وَقَدْ قَالَ٣ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الْأَحْزَابِ: ٢١ .
وَقَالَ٤: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} الْآيَةَ الْأَحْزَابِ: ٥٠ .
وَفِي حَدِيثِ الْمُصْبِحِ جُنُبًا قَوْلُهُ: "وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ" ٥.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ, أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصْنَعُ؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَا وَاللَّهِ, قَالَتْ عائشة:
١ كذا في "ط" والأصل، وفي غيرها: "وترجيح".
٢ قد يظن أن في هذا تقريرًا من المصنف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل فعلًا حكمه الكراهة بشرط "على أقل ما يمكن"؛ أي: يقتصر على القدر الذي يحصل به البيان أن الفعل المبين ليس بحرام، وإنما هو مكروه، وسيأتي في المسألة الثانية ما يفيد شرطًا آخر وهو أن لا يكثر ولا يواظب عليه، ولا سيما أن لا يكون في مواطن الاجتماعات العامة، والحق أن فعله الذي أطلق عليه المصنف مكروهًا، إنما هو في حقه من باب تعارض المصلحة والمفسدة؛ فإن في فعله مصلحة البيان، ومفسدة مخالفة النهي، ومصلحة البيان أرجح، وعليه يدل السياق، وانظر في المسألة: "المسودة في أصول الفقه" "ص٧٤"، و"حاشية البناني على جمع الجوامع" "٢/ ٩٦"، و"البحر المحيط" "٤/ ١٧٦" للزركشي.
٣ و٤ الآيتان باجتماعهما، الأولى بعمومها في طلب الاقتداء، والثانية في هذا الفعل الخاص تفيدان جواز تزوج الرجل بزوجة متبناة، وهذا كان مظنة اعتقاد التحريم أو وجود الاعتقاد فعلًا، وتقدم لنا أنه بيان بالفعل والقول معًا. "د".
٥ أخرجه مسلم في "الصحيح" "كتاب الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، ٢/ ٧٨١/ رقم ١١١٠"، ومالك في "الموطأ" "١/ ٢٨٩", والمذكور لفظه، ومن طريقه أحمد في "المسند" "٦/ ٦٧، ١٥٦، ٢٤٥"، والشافعي في "الأم" "١/ ٢٥٨"، وأبو داود في "السنن" "كتاب الصيام، باب فيمن أصبح جنبًا في شهر رمضان/ رقم ٢٣٨٩"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "٢/ ١٠٦"، والبيهقي في "الكبرى" "٤/ ٢١٣" عن عائشة -رضي الله عنها- وإسناده صحيح.