وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} الْحُجُرَاتِ: ١٤ .
وَمَنْ تَتَبَّعَ مَجَارِيَ الْحِكَايَاتِ فِي الْقُرْآنِ عَرَفَ مَدَاخِلَهَا، وَمَا هُوَ مِنْهَا حَقٌّ مِمَّا هُوَ بَاطِلٌ.
فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} الْمُنَافِقُونَ: ١ إِلَى آخِرِهَا فَإِنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ مَمْزُوجَةُ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ فَظَاهِرُهَا حَقٌّ وَبَاطِنُهَا كَذِبٌ، مِنْ حَيْثُ كَانَ إِخْبَارًا عَنِ الْمُعْتَقَدِ وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ؛ فَقَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} الْمُنَافِقُونَ: ١ تَصْحِيحًا لِظَاهِرِ الْقَوْلِ، وَقَالَ: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} الْمُنَافِقُونَ: ١ إِبْطَالًا لِمَا قَصَدُوا بِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الْآيَةَ الزُّمَرِ: ٦٧ ، وَسَبَبُ نُزُولِهَا مَا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: مَرَّ يَهُودِيٌّ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: "حَدِّثْنَا يَا يَهُودِيُّ". فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُ يَا أبا القاسم إذا وضع الله السموات عَلَى ذِهْ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى ذِهْ، وَالْمَاءَ عَلَى ذِهْ، وَالْجِبَالَ عَلَى ذِهْ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى ذِهْ؟ وَأَشَارَ الرَّاوِي بِخِنْصَرِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ تَابَعَ حَتَّى بَلَغَ الْإِبْهَامَ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الزُّمَرِ: ٦٧ ١.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السموات عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى أصبع،
١ أخرجه الترمذي في "جامعه" "أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة الزمر، ٥/ ٣٧١/ رقم ٣٢٤٠", وفيه: "يا يهودي! حدثنا ... "، و"الأرض"، وابن خزيمة في "التوحيد" "٧٨"، وأحمد في "المسند" "١/ ١٥١"، وابن جرير في "التفسير" "١٤/ ٢٦"، وإسناده ضعيف، فيه عطاء بن السائب، وهو مختلط.
وفي الباب عن ابن مسعود في "الصحيحين" وغيرهما، وسيأتي.