مُهَيِّجٌ لِلْفِرَارِ مِنْ وُقُوعِهِ، وَمَا تَقَدَّمَ١ مِنَ السَّبَبِ مِنْ نُزُولِ الْآيَةِ يُبَيِّنُ الْمُرَادَ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: {لَا تَقْنَطُوا} الزُّمَرِ: ٥٣ رَافِعٌ لِمَا تُخُوِّفُوهُ مِنْ عَدَمِ الْغُفْرَانِ لِمَا سَلَفَ.
وَقَوْلَهُ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} الْبَقَرَةِ: ٢٦٠ نَظَرَ فِي مَعْنَى آيَةٍ فِي الْجُمْلَةِ وَمَا يُسْتَنْبَطُ مِنْهَا، وَإِلَّا؛ فَقَوْلُهُ: {أَوَلَمْ تُؤْمِن} الْبَقَرَةِ: ٢٦٠ تَقْرِيرٌ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّخْوِيفِ أَنْ لَا يَكُونَ مُؤْمِنًا، فَلَمَّا قَالَ: "بَلَى" حَصَلَ الْمَقْصُودُ.
وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} آلِ عِمْرَانَ: ١٣٥ كَقَوْلِهِ: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} الزُّمَرِ: ٥٣ .
وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} النِّسَاءِ: ١١٠ دَاخِلٌ تَحْتَ أَصْلِنَا لِأَنَّهُ جَاءَ بَعْدَ قَوْلِهِ: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} النِّسَاءِ: ١٠٥ ، {وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ... } إِلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} النِّسَاءِ: ١٠٧-١٠٩ .
وَقَوْلُهُ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا} آتٍ بَعْدَ الْوَعِيدِ عَلَى الْكَبَائِرِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى هُنَالِكَ؛ كَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالْحَيْفِ فِي الْوَصِيَّةِ، وَغَيْرِهِمَا، فَذَلِكَ مِمَّا يُرْجَى بِهِ بَعْدَ تَقَدُّمِ٢ التَّخْوِيفِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} النِّسَاءِ: ٤٠ ؛ فَقَدْ أُعْقِبَ بِقَوْلِهِ: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا} الْآيَةَ النِّسَاءِ: ٤٢ ، وَتَقَدَّمَ قَبْلَهَا قَوْلُهُ: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ... } إِلَى قَوْلِهِ: {عَذَابًا مُهِينًا} النِّسَاءِ: ٣٧ ، بَلْ قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} النساء: ٤٠ جمع التخويف مع الترجية.
١ "ص١٧٠".
٢ لعل الأصل: "تقدمه"؛ أي: فقوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا} الآية مما يرجي به، لكن سبقه التخويف. "د". قلت: قاله بسبب سقوط "بعد".