وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ؛ فَقَدِ اضْطَّرَبَتِ النُّبُوَّةُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ"١.
وَمَا ذَاكَ إِلَّا لأنه٢ جَامِعٌ لِمَعَانِي النُّبُوَّةِ، وَأَشْبَاهُ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.
- وَمِنْهَا: التَّجْرِبَةُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا أَحَدَ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَجَأَ إِلَى الْقُرْآنِ فِي مَسْأَلَةٍ إِلَّا وَجَدَ لَهَا فِيهِ أَصْلًا، وَأَقْرَبُ الطَّوَائِفِ مِنْ إِعْوَازِ الْمَسَائِلِ النَّازِلَةِ أَهْلُ الظَّوَاهِرِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْقِيَاسَ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنِ٣ الدَّلِيلِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الْمَسَائِلِ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمِ الظَّاهِرِيِّ٤: "كُلُّ أَبْوَابِ الْفِقْهِ لَيْسَ مِنْهَا بَابٌ إِلَّا وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، نَعْلَمُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، حَاشَ الْقِرَاضَ؛ فَمَا وَجَدْنَا لَهُ أَصْلًا فِيهِمَا أَلْبَتَّةَ"٥ إِلَى آخِرِ مَا قَالَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْقِرَاضَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِجَارَةِ, وَأَصْلُ الْإِجَارَةِ، فِي الْقُرْآنِ ثَابِتٌ٦، وَبَيَّنَ ذَلِكَ إِقْرَارُهُ عَلَيْهِ الصلاة
١ أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" "ص٥٣" موقوفًا، وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، صدوق، كثير الغلط.
٢ كذا في "ط"، وفي غيره: "أنه".
٣ لكن يقال: إن لم يجدوا في القرآن وجدوا في السنة؛ فبعض الأدلة على ما ترى، ويرشح النظر الذي أشرنا إليه ما نقله عن ابن حزم، وما عقب به على استثنائه باب القراض. "د".
٤ الظاهرية هم الواقفون عند ظواهر نصوص الشريعة من غير اعتبار القياس بدعوى أنها تفي بأحكام الوقائع حيثما تجددت، ومن مقتضى مذهبهم أن الحديث متى ثبت سنده يعتبر كقاعدة مستقلة بنفسها، ويجب العمل به من غير أن تتحكم فيه القواعد بتعطيل أو تخصيص أو تقييد أو تعميم أو إطلاق ... إلخ. ا. هـ. "ف".
٥ انظر: "النبذ في أصول الفقه" "ص١١٨".
٦ وذلك في آيات عديدة، منها قوله تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} القصص: ٢٦-٢٧ ، وقوله: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الطلاق: ٦ ، قال الشافعي -رحمه الله تعالى- في "الأم" "٣/ ٢٥٠": "فأجاز الإجارة على الرضاع، والرضاع يختلف لكثرة رضاع المولود وقلته، وكثرة اللبن وقلته، ولكن لما لم يوجد فيه إلا هذا جازت الإجارة عليه، =