وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ١ فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ أَشْيَاءُ مِمَّا يُعَدُّ مِنْ بَاطِنِهِ؛ فَقَدْ ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} الْبَقَرَةِ: ٢٢ ؛ أَيْ: أَضْدَادًا، قَالَ: "وَأَكْبَرُ الأنداد٢ النفس الأمارة بالسوء، المتطلعة إِلَى حُظُوظِهَا وَمُنَاهَا٣ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ".
وَهَذَا يُشِيرُ إِلَى أَنَّ النَّفْسَ الْأَمَّارَةَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ عُمُومِ الْأَنْدَادِ، حَتَّى لَوْ فَصَّلَ لَكَانَ الْمَعْنَى: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لَا صَنَمًا وَلَا شَيْطَانًا وَلَا النَّفْسَ وَلَا كَذَا، وَهَذَا مُشْكِلُ الظَّاهِرِ جِدًّا؛ إِذْ كَانَ مَسَاقُ الْآيَةِ وَمَحْصُولُ الْقَرَائِنِ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَنْدَادَ الْأَصْنَامُ أَوْ غَيْرُهَا مِمَّا كَانُّو يَعْبُدُونَ، وَلَمْ يكونوا يعبدون أنفسهم ولا
١ له تفسير بعنوان: "تفسير القرآن العظيم" مطبوع في مطبعة السعادة بالقاهرة، سنة ١٣٢٦هـ-١٩٠٨م، في "٢٠٤ صفحات"، نشره النعساني، والمذكور عند المصنف فيه "ص١٤"، وقد رد تفسير الآية المذكور عند المصنف الشيخ محمد حسين الذهبي في "الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن" "٥٢"، وانظر غير مأمور: "منهج ابن تيمية في تفسير القرآن الكريم" "ص٦٠-٦١".
٢ في "تفسير سهل" "ص١٤": "الأضداد".
٣ في النسخ المطبوعة كلها و"ط": "الطواعة إلى حظوظها ومنهيها"، وما أثبتناه من "تفسير سهل" "ص١٤"، وكتب "ف" على "الطواعة": "أي: شديدة الطوع والانقياد إلى حظوظها وما نهيت عنه".