وَجَاءَ فِي الصَّيْدِ: "كُلْ مَا أَصْمَيْتَ١، وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ"٢.
وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الحارث فِي الرَّضَاعِ؛ إِذْ٣ أَخْبَرَتْهُ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ، وَالْمَرْأَةُ٤ الَّتِي أَرَادَ تَزَوُّجَهَا، قَالَ فِيهِ: "كيف ٥ بها وقد زعمت أنها
١ أي: ما أصابه السهم فأسرع بموته وأنت تراه، من "الإصماء" وهو أن تقتل الصيد مكانه، و"الإنماء" أن تصيبه إصابة غير قاتلة في الحال، ومعناه: أن ما أصبته، ثم غاب عنك فمات بعد ذلك فلا تأكله؛ فإنك لا تدي أمات بصيدك أم بعارض آخر. "ف".
قلت: انظر في تفصيل هذا المعنى وأحكامه: "تفسير القرطبي" "٦/ ٧١-٧٢"، و"فتح الباري" "٩/ ٦١١"، و"معرفة السنن والآثار" "١٣/ ٤٤٩-٤٥٠".
٢ أخرجه الطبراني في "الكبير" "١٢/ ٢٧/ رقم ١٢٣٧٠" بإسناد ضعيف، فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، قاله ابن حجر في "التلخيص الحبير" "٤/ ١٣٦"، وأخرجه البيهقي في "الكبرى" "٩/ ٢٤١"، و"المعرفة" "١٣/ ٤٤٩/ رقم ١٨٨٠٠، ١٨٨٠٢" من طريقين عن ابن عباس موقوفًا، وهو أشبه، وصححه البيهقي موقوفًا، وضعف المرفوع، وانظر: "فتح الباري" "٩/ ٦١١"، و"مجمع الزوائد" "٤/ ١٦٢"، و"تخريج العراقي لأحاديث الإحياء" "٢/ ٩٦".
وللمرفوع شاهد من حديث عمرو بن تميم عن أبيه عن جده؛ كما عند أبي نعيم في "المعرفة"، وفيه محمد بن سليمان بن مشمول وقد ضعفوه، وانظر: "من روى عنه أبيه عن جده" "ص٤٩٣"، و"لسان الميزان" "٢/ ٧٣".
وكتب "د" هنا ما نصه: "وبالتأمل في الفرق بين مسألة الصيد ومسألة الماء، حيث أنه -صلى الله عليه وسلم- رجح في الصيد عدم الحل وفي الماء الطهارة، تجد أنه قد أخذ فيهما بالأصل إن كان اجتهادًا؛ فالأصل الذكاة الشرعية المعروفة، والصيد رخصة بقيود وشروط؛ فما لم نجزم بحصول الشروط رجعنا إلى الأصل، وهو عدم الحل؛ لأنه غير مذكى، وكذلك الماء رجح فيه الأصل، وهو الوصف الذي خلق عليه حتى يتبين ما يخالفه، ولما لم يتبين بقي على أصله".
٣ في النسخ المطبوعة: "إذا"، والمثبت من الأصل و"ط".
٤ أي: مع المرأة. "ف".
٥ في "ط": "فكيف".