مِنَ الْأُمَّةِ؛ فَالْوَسَطُ١ مُخْتَلَفٌ فِيهِ: هَلْ هُوَ مِنَ الْأُمَّةِ، أَمْ لَا؟
وَأَرْبَابُ النِّحَل والمِلَل اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْبَارِيَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ بِإِطْلَاقٍ، وَعَلَى أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقَائِصِ بِإِطْلَاقٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِضَافَةِ أُمُورٍ٢ إِلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَمَالٌ، وَعَدَمِ إِضَافَتِهَا إِلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَقَائِصُ، وَفِي عَدَمِ إِضَافَةِ أُمُورٍ إِلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْإِضَافَةِ كَمَالٌ، أَوْ إِضَافَتُهَا بِنَاءً عَلَى ٣ أَنَّ الْإِضَافَةَ إِلَيْهِ هِيَ الْكَمَالُ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهَا.
فَكُلُّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا دَائِرَةٌ بَيْنَ طَرَفَيْنِ وَاضِحَيْنِ؛ فَحَصَلَ الْإِشْكَالُ وَالتَّرَدُّدُ، وَلَعَلَّكَ لَا تَجِدُ خِلَافًا وَاقِعًا بَيْنَ الْعُقَلَاءِ مُعْتَدًّا٤ بِهِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ أَوْ فِي النَّقْلِيَّاتِ، لَا مَبْنِيًّا عَلَى الظَّنِّ وَلَا عَلَى الْقَطْعِ؛ إِلَّا دائر بين طرفين و لا يَخْتَلِفُ فِيهِمَا أَصْحَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الْوَاسِطَةِ الْمُتَرَدِّدَةِ بينهما، فاعتَبِرْه تجده كذلك -إن شاء الله .
١ وهو المبتدع بما يتضمن كفرًا بغير تصريح؛ كالمجسمة، ومنكري الشفاعة، فهذا يختلف فيه بالتكفير وعدمه. "د".
٢ أي من الصفات؛ كالقدرة والعلم.. إلخ على أنها صفات زائدة على الذات، وقوله: "وفي عدم إضافة أمور ... إلخ"؛ أي: كالأفعال التي تعتبر شرورًا؛ فبعضهم يضيفها إليه؛ لأنه لا فاعل إلا هو، ولا تعتبر شرورًا إلا بنسبتها للعبد، والبعض لا يضيفها ويرى أن الكمال في ذلك؛ فلا تكرار في العبارة، ولا يمكن الاستغناء عن الثانية مع إفادة المعنى المقصود. "د".
٣ ما بين المعقوفتين سقط من "م".
٤ في نسخة "م": "معتمدًا".