غَيْرَ حَاكِمَةٍ عِنْدَهُ لِاسْتِيلَاءِ الْمَعْنَى الْكُلِّيِّ، فَهِيَ حَاكِمَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْكُلِّيَّ مِنْهَا انْتَظَمَ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا تَجِدُ صَاحِبَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ يَقْطَعُ بِالْحُكْمِ بِأَمْرٍ إِلَّا وَقَامَتْ١ لَهُ الْأَدِلَّةُ الْجُزْئِيَّةُ عَاضِدَةً وَنَاصِرَةً، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تُعَضِّدْهُ وَلَا نَصَرَتْهُ، فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ، ثَبَتَ أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ٢ مُتَمَكِّنٌ جِدًّا مِنَ الِاسْتِنْبَاطِ وَالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَلِلْمَانِعِ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ أَوْجُهٍ:
- مِنْهَا: أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ إِذَا فَاجَأَتْهُ حَقَائِقُهَا، وَتَعَاضَدَتْ مَرَامِيهَا، وَاتَّصَلَ لَهُ بِالْبُرْهَانِ مَا كَانَ مِنْهَا عِنْدَهُ مَقْطُوعًا حَتَّى صَارَتِ الشَّرِيعَةُ فِي حَقِّهِ أَمْرًا مُتَّحِدًا وَمَسْلَكًا مُنْتَظِمًا، لَا يَزِلُّ عَنْهُ مِنْ مَوَارِدِهَا فَرْدٌ، وَلَا يَشِذُّ لَهُ عَنِ الِاعْتِبَارِ مِنْهَا خَاصٌّ إِلَّا٣ وَهُوَ مَأْخُوذٌ بِطَرَفٍ لَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِهِ عَنْ طَرَفٍ آخَرَ لَا بُدَّ أَيْضًا مِنِ اعْتِبَارِهِ؛ إِذْ قَدْ تَبَيَّنَ فِي كِتَابِ الْأَدِلَّةِ أَنَّ اعْتِبَارَ الْكُلِّيِّ مَعَ اطِّرَاحِ الْجُزْئِيِّ خَطَأٌ كَمَا فِي الْعَكْسِ، وَإِذَا كَانَ٤ كَذَلِكَ، لَمْ يَسْتَحِقَّ مَنْ هَذَا حَالُهُ أَنْ يَتَرَقَّى إِلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ حَتَّى يُكْمِلَ مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَكْمِيلِهِ.
- وَمِنْهَا: أَنَّ لِلْخُصُوصِيَّاتِ٥ خَوَاصَّ يَلِيقُ بِكُلِّ مَحَلٍّ مِنْهَا ما لا يليق بمحل
١ أي: وإن لم يتنبه إليها عند الاستنباط، وسيأتي للمانع أن ينازعه في اطراد هذا بالحجة الثانية والثالثة. "د".
٢ في "ط": "الرتبة".
٣ لعل هنا سقطًا حاصله: "لا يترك النظر إلى الجزئي"، وهو جواب إذا، أي إن صاحب هذه الرتبة متحقق بركن من أركان الاجتهاد، غير حاصل على الركن الآخر، وهو اعتبار الجزئي. "د".
٤ هذه هي القضية الكبرى في الدليل، فهي بمنزلة قوله: "وكل من كان كذلك، لم يستحق درجة الاجتهاد. "د".
وكتب "ف": "إعادة للشرط قبله، وجوابه قوله: "لم نستحق ... إلخ"".
٥ في "ط": "للخصوصية".