آخَرَ كَمَا فِي النِّكَاحِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ لَا يَسُوغُ أَنْ يَجْرِيَ مَجْرَى الْمُعَاوَضَاتِ١ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَسُوغُ أَنْ يَجْرِيَ مَجْرَى الْهِبَاتِ وَالنِّحَلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَكَمَا فِي مَالِ الْعَبْدِ٢، وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ، وَالْقَرْضِ، وَالْعَرَايَا، وَضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْمُسَاقَاةِ، بَلْ لِكُلِّ بَابٍ مَا يَلِيقُ بِهِ، وَلِكُلِّ خَاصٍّ خَاصِّيَّةٌ تَلِيقُ بِهِ لَا تَلِيقُ بِغَيْرِهِ، وَكَمَا فِي التَّرَخُّصَاتِ٣ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ.
وَإِذَا٤ كَانَ كَذَلِكَ -وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْجَمِيعَ يَرْجِعُ مَثَلًا إِلَى حِفْظِ الضَّرُورِيَّاتِ وَالْحَاجِيَّاتِ وَالتَّكْمِيلِيَّاتِ-، فَتَنْزِيلُ٥ حِفْظِهَا فِي كُلِّ مَحَلٍّ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ لَا يُمْكِنُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِ خُصُوصِيَّاتِ الْأَحْوَالِ وَالْأَبْوَابِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْخُصُوصِيَّاتِ الْجُزْئِيَّةِ فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ الْخُصُوصِيَّاتُ فِي حُكْمِ التَّبَعِ الْحُكْمِيِّ، لَا فِي حُكْمِ الْمَقْصُودِ الْعَيْنِيِّ بِحَسَبِ كُلِّ نَازِلَةٍ، فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ لَهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ الْكُلِّيِّ، وَأَنَّهُ هُوَ مَقْصُودُ الشَّارِعِ؟ هَذَا لَا يَسْتَمِرُّ مَعَ الْحِفْظِ عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ.
- وَمِنْهَا: أَنَّ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ يَلْزَمُهَا إِذَا٦ لَمْ يَعْتَبِرِ الْخُصُوصِيَّاتِ أَلَّا يَعْتَبِرَ مَحَالَّهَا٧ وَهِيَ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ، بَلْ كَمَا يُجْرِي الْكُلِّيَّاتِ فِي كل جزئية على
١ أي: مع أنهما من مرتبة واحدة، وهي مرتبة الحاجيات. "د".
٢ هو وما بعده من المستثنيات من القواعد المانعة، وتقدو له أننا لو طردنا الباب في كل الضروريات لأجل ذلك بالحاجيات أو الضروريات، أما إذا اعتبرنا في كل رتبة ما يليق بها، فإن ذلك يكون محافظة على تلك الرتبة وعلى غيرها من الرتب، فلا بد إذن من اعتبار الجزئيات. "د".
٣ وتقدم له أن الترخصات الهادمة للعزائم إعمال لقاعدة الحاجيات في الضروريات؛ لأن هذه الرتب يخدم بعضها بعضًا ويقيد بعضها بعضًا. "د".
٤ في "د": "وإن".
٥ في "ط": "فتنزل".
٦ أي: يلزمها ما ذكر، فاللازم مضمون هذه الجملة الشرطية. "ف". وفي "ط": "أن صاحب هذه ... يلزمه إذا ... ".
٧ في "ط": "محلها".