وَيُمْكِنُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى هَذَا الْقَبِيلِ١ مَا خَرَّجَ ثَابِتٌ فِي "الدَّلَائِلِ" عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: "وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَدِّي: "أَتَيْتُ مَكَّةَ، فَأَصَبْتُ بِهَا أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى وَابْنَ شُبْرُمَةَ، فَأَتَيْتُ أبا حنفية فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ بَاعَ بَيْعًا وَاشْتَرَطَ شَرْطًا قَالَ: الْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، فَقَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَأَتَيْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ، فَقَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ. وَالشَّرْطُ جَائِزٌ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ثَلَاثَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ يَخْتَلِفُونَ عَلَيْنَا فِي مَسْأَلَةٍ! فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِمَا، فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ٢، فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِمَا، فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اشْتَرِي بَرِيرَةَ وَاشْتَرِطِي ٣ لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ" ٤، فَأَجَازَ الْبَيْعَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ. فَأَتَيْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِمَا، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا قَالَاهُ٥، حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "اشْتَرَى مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةً٦ فَشَرَطْتُ حُمْلَانِي، فَأَجَازَ البيع والشرط"٧ اهـ.
١ وهو مطلق الاعتماد على الكليات واطراح الجزئيات، وليس المراد أن هؤلاء الأئمة الثلاثة منهم من نظر إلى المعاني واطرح خصوصيات الألفاظ كأصحاب الرأي، ومنهم من نظر إلى مقتضيات الألفاظ كالظاهرية، كلا، بل جميعهم تمسك بدليل اللفظي في الأحاديث الثلاثة. "د".
٢ مضى تخريجه "١/ ٤٢٧".
٣ في الأصل: "فاشترطت"، وكتب "ف": "أي: اقبلي منهم هذا الشرط والتزميه".
٤ مضى تخريجه "١/ ٤٢٧".
٥ في "م" و"ط": "قالا" من غير ماء.
٦ المعروف في قصة جابر: "جمل" لا ناقة. "د".
٧ مضى تخريجه "ص٢٠٦"، وأورد القصة المذكورة ابن السيد في "التنبيه" "ص١١٥-١١٧"، ومثال آخر على وزانه تجد الإشارة إليه في هامش "بذل المجهود" "١٢/ ٢٩٧".