الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:
يُذْكَرُ فِيهَا بَعْضُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَشْهَدُ لِلْعَامِّيِّ بِصِحَّةِ اتِّبَاعِ مَنِ اتَّصَفَ بِهَا فِي فَتْوَاهُ.
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ١: "رُبَّمَا وَرَدَتْ عَلَيَّ الْمَسْأَلَةُ تَمْنَعُنِي مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالنَّوْمِ. فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! وَاللَّهِ مَا كَلَامُكَ عِنْدَ النَّاسِ إِلَّا نَقْرٌ فِي حَجَرٍ، مَا تَقُولُ شَيْئًا إِلَّا تَلَقَّوْهُ مِنْكَ. قَالَ: فَمَنْ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا إِلَّا مَنْ كَانَ هَكَذَا؟ قَالَ الرَّاوِي: فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ قَائِلًا يَقُولُ: مَالِكٌ مَعْصُومٌ".
وَقَالَ٢: "إِنِّي لَأُفَكِّرُ فِي مَسْأَلَةٍ مُنْذُ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَمَا اتَّفَقَ لِي فِيهَا رَأْيٌ إِلَى الْآنِ".
وَقَالَ٣: "رُبَّمَا وَرَدَتْ عَلَيَّ الْمَسْأَلَةُ فَأُفَكِّرُ فِيهَا لَيَالِيَ".
وَكَانَ٤ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ لِلسَّائِلِ: "انْصَرِفْ حَتَّى أَنْظُرَ فِيهَا". فَيَنْصَرِفُ وَيُرَدِّدُ فِيهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ فَبَكَى وَقَالَ: "إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ لِي مِنَ الْمَسَائِلِ يَوْمٌ وَأَيُّ يَوْمٍ".
وَكَانَ إِذَا جَلَسَ؛ نَكَّسَ رَأْسَهُ، وَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ يَذْكُرُ اللَّهَ وَلَمْ يلتفت يمينًا
١ قال القاضي عياض في "ترتيب المدارك" "١/ ١٤٤ - ط بيروت": "قال عبد الرحمن العمري: قال لي مالك ... "وذكره"، وفيه: "كنقش في الحجر"، و"أن يكون كذا"، وفي "ط": "نقش".
٢ في "ترتيب المدارك" "١/ ١٤٤": قال: ابن القاسم: سمعت مالكًا يقول ... "وذكره".
٣ في "ترتيب المدارك" "١/ ١٤٤": "قال ابن مهدي: سمعت مالكًا يقول ... "وذكره"، وفيه: " ... المسألة فأسهر فيها عامة ليلي".
٤ في "ترتيب المدارك" "١/ ١٤٤": قال ابن عبد الحكم: كان مالك إذا ... وذكره"، وفيه: ".... ويتردد فيها؛ فقلنا ... شفتيه بذكر ... وكان أحمر فيصفر".