{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} الْبَقَرَةِ: ٥٨ .
وَالْآيَةُ الْأُخْرَى فِي مَعْنَاهَا؛ فَهَذَا تَخْيِيرٌ حَقِيقَةً.
وَأَيْضًا؛ فَالْأَمْرُ فِي الْمُطْلَقَاتِ -إِذَا كَانَ الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ- يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ حَقِيقَةً؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} الْمَائِدَةِ: ٢ .
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} الْجُمْعَةِ: ١٠ .
{كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} الْأَعْرَافِ: ١٦٠ .
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ إِطْلَاقَهُ -مَعَ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى وُجُوهٍ- وَاضِحٌ فِي التَّخْيِيرِ فِي تِلْكَ الْوُجُوهِ؛ إِلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى خُرُوجِهِ عَنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الْمَطْلُوبُ التَّرْكِ بِالْكُلِّ؛ فَلَا نَعْلَمُ فِي الشَّرِيعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى حَقِيقَةِ التَّخْيِيرِ فِيهِ نَصًّا، بَلْ هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، أَوْ مُشَارٌ إِلَى بَعْضِهِ بِعِبَارَةٍ تُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ التَّخْيِيرِ الصَّرِيحِ؛ كَتَسْمِيَةِ الدُّنْيَا لَعِبًا وَلَهْوًا فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ لِمَنْ رَكَنَ إِلَيْهَا، فَإِنَّهَا مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ اللَّهْوَ غَيْرُ مُخَيَّرٍ فِيهِ، وَجَاءَ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} الْجُمْعَةِ: ١١ ، وَهُوَ الطَّبْلُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} لُقْمَانَ: ٦ .
وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ١: حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ -حِينَ مَلُّوا مَلَّةً- فَأَنْزَلَ اللَّهُ, عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} الزمر: ٢٣ .
وفي الحديث: "كل لهو باطل " ٢.
١ تقدم تخريجه "ص٥٠".
٢ تقدم تخريجه "ص٢٠٢".
وكتب "خ" هنا ما نصه: "وذكر القوس بجانب الرمي؛ لأنه المعروف في ذلك العصر، والحكم =