الْمُسَبَّبَاتِ لَيْسَ إِلَيَّ؛ فَأَصْرِفُ قَصْدِي إِلَى مَا جُعِلَ إِلَيَّ, وَأَكِلُ مَا لَيْسَ لِي إِلَى مَنْ هُوَ لَهُ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا؛ أَنَّ السَّبَبَ غَيْرُ فَاعِلٍ بِنَفْسِهِ، بَلْ إِنَّمَا وَقَعَ الْمُسَبَّبُ عِنْدَهُ لَا بِهِ, فَإِذَا تَسَبَّبَ الْمُكَلَّفُ؛ فَاللَّهُ خَالِقُ السَّبَبِ، وَالْعَبْدُ مُكْتَسِبٌ لَهُ {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} الصَّافَّاتِ: ٩٦ .
{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} الزُّمَرِ: ٦٢ .
{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} التَّكْوِيرِ: ٢٩ .
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} الشَّمْسِ: ٧، ٨ .
وَفِي حَدِيثِ الْعَدْوَى قَوْلُهُ, عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟ " ١، وَقَوْلُ عُمَرَ فِي حَدِيثِ الطَّاعُونِ: "نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ"، حِينَ قَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: "أَفِرَارًا مِنْ قَدَرَ اللَّهِ؟ "٢، وَفِي الحديث: "جف القلم بما هو
١ قطعة من حديث أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الطب، باب لا هامة, ١٠/ ٢٤١/ رقم ٥٧٧٠، وباب لا صفر، ١٠/ ١٧١/ رقم ٥٧١٧"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب السلام, باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ٤/ ١٧٤٢-١٧٤٣/ رقم ٢٢٢٠" من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ولفظه:
"لا عدوى ولا صفر ولا هامة ". فقال أعرابي: يا رسول الله! فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء، فيأتي البعير الأجرب؛ فيدخل بينها فيجربها؟ قال: "فمن أعدى الأول ".
٢ جزء من قول عمر في قصة خروجه إلى الشام وسماعه في الطريق عن وقوع الطاعون فيها، واستشارته الصحابة في ذلك، ثم عودته؛ أخرجه مطولا البخاري في "صحيحه" "كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، ١٠/ ١٧٩/ رقم ٥٧٢٩"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، ٤/ ١٧٤٠/ رقم ٢٢١٩".
والقائل لعمر: "أفرارا ... " هو أبو عبيدة بن الجراح وليس عمرو بن العاص؛ كما ذكر المصنف.