مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُرَّ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِبْطَالِ، أَوْ بِالْإِضْعَافِ، أَوْ بِالتَّهَاوُنِ بِهِ؛ فَهُوَ الَّذِي يَجْلِبُ الْمَفْسَدَةَ.
وَهَذَانِ الْقِسْمَانِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ بِإِطْلَاقٍ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقَوِّي السَّبَبَ أَوْ يُضْعِفُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ زَمَانٍ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ حَالٍ يَكُونُ عَلَيْهَا الْمُكَلَّفُ.
وَالثَّانِي: مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ لَا بِإِطْلَاقٍ، بَلْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ دُونَ بَعْضٍ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ دُونَ بَعْضٍ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِ أَحْوَالِ الْمُكَلَّفِ دُونَ بَعْضٍ.
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّهُ يَنْقَسِمُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يَكُونُ فِي التَّقْوِيَةِ أَوِ التَّضْعِيفِ مَقْطُوعًا بِهِ.
وَالثَّانِي: مَظْنُونًا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ؛ فَيَكُونُ مَوْضِعَ نَظَرٍ وَتَأَمُّلٍ؛ فَيُحْكَمُ بِمُقْتَضَى الظَّنِّ، وَيُوقَفُ عِنْدَ تَعَارُضِ الظُّنُونِ، وَهَذِهِ جُمْلَةٌ مُجْمَلَةٌ غَيْرُ مُفَسَّرَةٍ، وَلَكِنْ إِذَا رُوجِعَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا يَأْتِي؛ ظَهَرَ مَغْزَاهُ، وَتَبَيَّنَ مَعْنَاهُ بِحَوْلِ اللَّهِ.
وَيَخْرُجُ عَنْ هَذَا التَّقْسِيمِ نَظَرُ الْمُجْتَهِدِينَ, فَإِنَّ عَلَى الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْأَسْبَابِ وَمُسَبَّبَاتِهَا لِمَا يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّقْسِيمِ رَاجِعٌ إِلَى أَصْحَابِ الْأَعْمَالِ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.