التَّكْلِيفِيَّةِ١ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ؛ فَلَا يَسْبِقُهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنْ سَبَقَهَا وَكَانَ مَنْسُوخًا بِهَذَا الْأَخِيرِ؛ كَانَ٢ هَذَا الْأَخِيرُ كَالْحُكْمِ الِابْتِدَائِيِّ، تَمْهِيدًا لِلْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ الْعَامَّةِ.
وَلَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا مَا كَانَ مِنَ الْكُلِّيَّاتِ وَارِدًا عَلَى سَبَبٍ؛ فَإِنَّ الْأَسْبَابَ قَدْ تَكُونُ مفقودة قبل ذلك, فإذا وجد اقْتَضَتْ أَحْكَامًا؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} الْبَقَرَةِ: ١٠٤ .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} الْأَنْعَامِ: ١٠٨ .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} الْبَقَرَةِ: ١٩٨ .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} الْآيَةَ الْبَقَرَةِ: ١٨٧ .
وَقَوْلِهِ: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} الْبَقَرَةِ: ٢٠٣ .
وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ تَمْهِيدٌ لأحكام وردت شيئا ٣ بعد شيء بحسب
١ لا ينافي هذا وما يأتي له في المسألة الثانية من أن حكم الرخصة الإباحة جعله العزيمة والرخصة أحكاما وضعية؛ فإن الصوم والصلاة مثلا يتعلق بهما حكم تكليفي هو الوجوب مثلا، وحكم وضعي هو كونهما عزيمة أو رخصة، قال في "التحرير": "للشارع في الرخص حكمان: كونها وجوبا أو ندبا أو أباحة، وهي من أحكام التكليف، وكونها مسببة عن عذر طارئ في حق المكلف يناسبه تخفيف الحكم مع قيام الدليل على الأصل، وهو من أحكام الوضع؛ فإيجاب الجلد للزاني من أحكام الاقتضاء من وجه، ومن أحكام الوضع من حيث كونه مسببا عن الزنى"، وعليه مشى الأبهري. "د".
٢ في "ط": "كان منسوخا ... وكان هذا ... ".
٣ سقط من الأصل.