تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} الْبَقَرَةِ: ١٨٥ .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} النساء: ٢٨ .
بعدما قَالَ فِي الْأُولَى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} الْبَقَرَةِ: ١٨٤ .
وَفِي الثَّانِيَةِ: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} النِّسَاءِ: ٢٥ .
فَلْيَتَفَطَّنِ النَّاظِرُ فِي الشَّرِيعَةِ إِلَى هَذِهِ الدَّقَائِقِ؛ لِيَكُونَ عَلَى بَيِّنَةٍ فِي الْمَجَارِي الشَّرْعِيَّاتِ، وَمِنْ تَتَبَّعَ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ فِي هَذَا الْمَقَامِ؛ تَبَيَّنَ لَهُ مَا ذُكِرَ أَتَمَّ بَيَانٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، هَذَا تَقْرِيرُ وَجْهِ النَّظَرِ فِي هَذَا الطَّرَفِ.
فَصْلٌ:
وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْأَخْذَ بِالْعَزِيمَةِ لَيْسَ بِأُولَى مِنْ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا ١:
إِنَّ أَصْلَ الْعَزِيمَةَ وَإِنْ كَانَ قَطْعِيًّا؛ فَأَصْلُ التَّرَخُّصِ قَطْعِيٌّ
= -ومن طريقه البيهقي في "السنن" "٤/ ٢٤٢"- والنسائي في "الصيام، ٤/ ١٧٧/ رقم ٢٢٦٢"، وأحمد في "مسنده" "٣/ ٣١٩" من طريق يحيى بن سعيد، وأيضا النسائي في "الصيام، ٤/ ١٧٧/ رقم ٢٢٦٢" من طريق خالد بن الحارث بدون القصة، والدارمي في "الصوم، ص٤٠٥" عن هشام بن القاسم، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "٢/ ٦٢" من طريق روح بن عبادة، وابن أبي شيبة في "المصنف" "٣/ ١٤"، وعنه مسلم في "الصحيح" "كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر، ٢/ ٧٨٦/ رقم ١١١٥"، والفريابي في "الصيام" "رقم ٧٨، ٧٩"، وابن خزيمة في "الصحيح" "٣/ ٢٥٤/ رقم ٣٠١٧" عن غندر، كلهم عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد عن محمد بن عمرو عن جابر بن عبد الله مرفوعا.
وقد ورد من حديث جماعة من الصحابة كما تراه مبسوطا عند الفريابي في "الصيام" "ص٦٩-٧٦".
١ هذا معارض للوجه الأول من الوجوه الستة التي أقامها على ترجيح العزيمة، وهذا الوجه لا يفيد ترجح الرخصة، إنما يفيد -كما قال- أن العزيمة ليست بأولى؛ لأن غلبة الظن في وجود سبب الرخصة لا تجامع القطع في العزيمة الذي كان مناط الترجيح في ذلك الوجه. "د".