أَرْكَانُهَا وَشُرُوطُهَا، وَلَا خِلَافَ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، وَإِذَا لَمْ يَتَلَازَمَا، لَا١ يَصِحُّ هَذَا الدَّلِيلُ.
وَأَمَّا الثَّانِي، فَقَدِ اعْتَرَضَهُ الدَّلِيلُ الثَّالِثُ الدَّالُّ عَلَى الْجَزَاءِ، فَقَوْلُهُ: إِنَّ الْجَزَاءَ وَقَعَ على الفعل أَوِ التَّرْكِ إِنْ أَرَادَ بِهِ مُجَرَّدًا كَمَا يَقَعُ دُونَ الْوَصْفِ، فَقَدْ ثَبَتَ بُطْلَانُهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَعَ اقْتِرَانِ الْوَصْفِ، فَقَدْ صَارَ لِلْوَصْفِ٢ أَثَرٌ فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ٣، وَذَلِكَ دَلِيلٌ دَالٌّ عَلَى صِحَّةِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ لَا عَلَى نَفْيِهِ.
وَلِصَاحِبِ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى الثَّانِي فِي أَدِلَّتِهِ:
أَمَّا الْأَوَّلُ ٤، فَإِنَّهُ إِذَا صَارَ مَعْنَى الْحُبِّ وَالْبُغْضِ إِلَى الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، امْتَنَعَ٥ أَنْ يَتَعَلَّقَا بِمَا هُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ، وَهُوَ الصِّفَاتُ وَالذَّوَاتُ الْمَخْلُوقُ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا الثَّانِي، فَإِنَّ الْقِسْمَةَ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ، إِذْ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَتَعَلَّقَا لِأَمْرٍ رَاجِعٍ لِلْعَبْدِ غَيْرِ الثَّوَابِ أَوِ الْعِقَابِ، وَذَلِكَ كَوْنُهُ اتَّصَفَ بِمَا هُوَ حَسَنٌ أَوْ قَبِيحٌ فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَإِنَّ الْأَفْعَالَ لَمَّا كَانَتْ نَاشِئَةً عَنِ الصِّفَاتِ، فَوُقُوعُهَا عَلَى حَسَبِهَا٦ فِي الْكَمَالِ أَوِ النُّقْصَانِ، فَنَحْنُ نَسْتَدِلُّ بِكَمَالِ الصَّنْعَةِ عَلَى كَمَالِ.
١ في الأصل، و"ط": "لم".
٢ في الأصل: "الوصف".
٣ في "ط": "أو العقاب".
٤ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل و"ط" و"خ".
٥ تقدم رده بأنه لا تلازم بين الثواب والعقاب، وبين أن يكون المثاب عليه مقدورا عليه بل ولا معلوما. "د".
٦ أي: فيلزم من زيادة قوة الصفة زيادة في الفعل حسنا وقبحا، فلا يتأتى الاختلاف في الصفات مع تساوي الأفعال، حتى يصح الدليل الثالث. "د".