يَتَنَزَّلُ١ قَوْلُهُ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الْحَجِّ: ٧٨ وَأَشْبَاهُهُ.
أَنَّ الشَّارِعَ عَالِمٌ بِمَا كَلَّفَ بِهِ وَبِمَا يَلْزَمُ عَنْهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّكْلِيفِ يَسْتَلْزِمُ الْمَشَقَّةَ، فَالشَّارِعُ عالم بلزوم المشقة من غير انفكاك، فإذن يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الشَّارِعُ طَالِبًا لِلْمَشَقَّةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَاصِدَ إِلَى السَّبَبِ عَالِمًا بِمَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ قَاصِدٌ لِلْمُسَبِّبِ، وَقَدْ مَرَّ تَقْرِيرُ هذه المسألة في كتاب الأحكام، فاقضتى أَنَّ الشَّارِعَ قَاصِدٌ لِلْمَشَقَّةِ هُنَا.
أَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي الْجُمْلَةِ مُثَابٌ عَلَيْهَا إِذَا لَحِقَتْ فِي أَثْنَاءِ التَّكْلِيفِ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ثَوَابِ التَّكْلِيفِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} التَّوْبَةِ: ١٢٠ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} الْعَنْكَبُوتِ: ٦٩ .
وَمَا جَاءَ فِي "كَثْرَةِ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ" ٢ "وَأَنَّ أعظمهم أجرا أبعدهم دارا"٣.
١ أي: فهذا أحد الأدلة المتقدمة. التي قلت: إنها تجري هنا- لا يدل، لأنه محمول على مشقة وحرج غير موضوع الدعوى هنا، إلا أنه لم يذكر بقية الآيات لما عرفت من أم مثل {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} تدل على دعواه هنا في قوله: وإذا تقرر هذا..... إلخ وبضميمة أن يكون متناقضا لو قصد المشقة مطلقا ولو معتادة على ما تقدم. "د".
٢ قطعة من حديث في "الصحيحين" سيأتي لفظه قريبا.
٣ أخرج البخاري في "صحيحه" "كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، ٢/ ١٣٧/ رقم ٦٥١"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة=