واحد وعشرون: شبهات وردود
يردد بعض المفتونين بالليبرالية عددا من الشبهات يعارضون بها الحكم السابق عليها، منها:
الشبهة الأولى: شبهة التكفير:
وهذه الشبهة تظهر في الحكم على كل مذهب إلحادي يفد على البلاد الإسلامية، حيث يقولون: إن بعض الليبراليين ينطقون الشهادتين، ويصلون، ويؤدون الشعائر التعبدية، والقول بأن الليبرالية عقيدة كفرية يكون بمثابة تكفير المسلمين، وهذه هي عقيدة الخوارج الضالين.
ونجيب عن هذه الشبهة بأن ثبوت الإسلام للإنسان يشترط له بالإضافة إلى الإتيان بالواجبات المذكورة في الشبهة وغيرها: ترك النواقض والمبطلات لحقيقة الإيمان والإسلام، فمن يأتي بهذه الواجبات، وهو قائم على نواقض الإيمان، فإنها لا تنفعه حتى يترك النواقض.
ولهذا حذرت الشريعة الإسلامية من " نواقض الإيمان "، وبينت خطورتها، فقد يكفر الإنسان ويخرج من الملة، وهو لا يزال يشهد أن لا إله إلا الله ويؤدي بعض الواجبات، وهذه حقيقة شرعية قطعية.
وهذه الحقيقة موجودة في كل دين، لأنه ما من دين إلا ويوجد له نواقض إذا وجدت بطل أصل هذا الدين، وكذلك الأمر في العبادات كالصلاة والوضوء وغيرها لو أتى الفرد بواجباتها وارتكب مبطلاتها لم تنفعه هذه الواجبات.
ومن المعلوم المجمع عليه عند أهل السنة والجماعة أن لكلمة التوحيد (لا إله إلا الله) شروطا عظيمة وليست مجرد كلمة تقال بالألسن، ومن هذه الشروط: الانقياد والقبول والتسليم والإخلاص وغيرها. ولهذا لم يعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم إقرار الحبرين من اليهود بأنه "رسول الله " لأنهما لم يلتزما بالإسلام، وفي الحديث أنهما: ((قبلا يديه، وقالا: نشهد أنك نبي. قال: فما يمنعكما أن تتبعاني، قالا: إن داود عليه السلام دعا ألا يزال من ذريته نبي، وإنا نخشى إن أسلمنا تقتلنا يهود)) (١).
وهكذا أقر أبو طالب بصدق دينه في قوله:
ودعوتني وعلمت أنك ناصحي فلقد صدقت وكنت قدم أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنه من خير أديان البرية دينالولا الملامة أو حذاري سبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا (٢)
ومثله إقرار هرقل بنبوته عليه الصلاة والسلام، لأنه إقرار باللفظ لا يتضمن التزام عملي (القبول والانقياد والتسليم).
(١) كتاب الرياض الإلكتروني ((حروف وأفكار)): (ص٦) لمحمد بن علي المحمود, في مقال له بعنوان (المتهمون بالإرهاب) , وقد نشر في جريدة الرياض بتاريخ: ١٤/ ٧/٢٠٠٥م.
(٢) كتاب الرياض الإلكتروني ((حروف وأفكار)) (ص٦) لمحمد بن علي المحمود, في مقال له بعنوان (المتهمون بالإرهاب) , وقد نشر في جريدة الرياض بتاريخ: ١٤/ ٧/٢٠٠٥م.