حين ظهرت الحركات البدعية وقوي زعماؤها وفرضوا بدعهم بكل سبيل. حين انعدمت الثقة والأخوة الإسلامية بين الشعوب ولم يعودوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ولم يحققوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)) (١)، أو قوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) (٢).
حين تدهورت الأخلاق والفضائل وارتفع شأن الرذائل من الغش والكذب والدعارة وشرب المسكرات.
حين عم التكالب على الدنيا وطلب الشهرة والعلوفي الأرض بأي ثمن كان.
حين أصبح بعض المائعين ممن جرفتهم الحضارة الغربية – يستحي أن ينتسب إلى الإسلام لئلا يقال له رجعي متخلف.
وإذا كان الحال كما ذكر سابقا وأشد أيضا، فما هي طريق العودة التي تعيد للمسلمين عزتهم؟
طريق العودة
لن تعود للمسلمين عزتهم ومنعتهم إلا إذا عادوا إلى دينهم وتمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فإنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
اعتزاز المسلمين بدينهم وترك السير في المؤخرة وراء العالم الغربي المتدهور وترك الاعتزاز بالقوميات والوطنيات بعيدا عن الدين الحنيف.
أن يكونوا قدوة العالم في جميع المعاملات والسلوك وسائر الأخلاق الحميدة.
أن يتم تحاكمهم إلى الإسلام في جميع شؤونهم، وأن يرفضوا التحاكم إلى غيره من الأنظمة أو الجمعيات أو الدساتير الجاهلية.
الاهتمام التام بتربية النشء على الأسس الإسلامية الصحيحة وعلى أيدي مدربين ومدرسين أكفاء على العقيدة ليصبح هذا النشء هم رجال الغد في حركة مستقلة في التعليم عن التعليم الغربي في جميع مرافق التعليم دينيا ودنيويا.
الجد في القضاء على كل أنواع الجاهليات عن طريق تعميق العقيدة وليس عن طريق قرارات أو عقوبات، بل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى الإسلام.
رفع راية الجهاد بكل أنواعه في الوقت الذي يسمح بذلك من نصرة المسلمين المجاهدين ودعمهم بالسلاح والرجال وترك الخوف من إطلاق كلمة الجهاد التي أعز الله بها المسلمين في عصورهم الأولى حين تدع الضرورة لذلك.
بذل الاجتهاد في نشر التوعية الإسلامية العامة من قبل كافة المسلمين لما فيه رفعة الإسلام وعزة المسلمين، العلماء في مجالهم، والتجار في مجالهم .. الخ.
أن يسند حكم المسلمين إلى رجال أكفاء لهم معرفة بالعقيدة الصحيحة في كل بلد – واليوم نجد أكثر الشعب مسلمين والحاكم نصراني أو شيوعي أو بعثي أو اشتراكي .. الخ.
لابد أن يستقل العالم الإسلامي في كل شؤونه عن العالم الغربي في الصناعة، وفي التجارة، وفي وسائل التعليم كلها، وفي كل الجوانب.
وما على الشخص منهم إلا أن يخلص نيته ثم يبدأ العمل ويستعين بالله تعالى ويستشعر عظمته وقدرته، والله تعالى لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى ما دام ذلك العمل يقصد به وجه الله ومصلحة المسلمين عامة، وما دام على وفق ما شرعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
المصدر:المذاهب الفكرية المعاصرة لغالب عواجي ١/ ١٣٤
(١) (٣٧) رواه مسلم (٤٦).
(٢) (٣٨) رواه البخاري (١٠) ومسلم (٤١).