٤ - بث سموم الشقاق والنزاع داخل البلد الواحد وتمزيقه إلى فئات متناحرة، وإشاعة عقلية الحقد والبغضاء فيه، حتى تتقوض كل دعاماته الأخلاقية، والدينية، والمادية. ٥ - الوصول شيئاً فشيئاً إلى النتيجة بعد ذلك، وهي تحطيم الحكومات الشرعية، والأنظمة الاجتماعية السليمة، وتهديم المبادئ الدينية الأخلاقية، والفكرية والكيانات القائمة عليها؛ تمهيداً لنشر الفوضى والإرهاب، والإلحاد (١).
هذا هو المخطط الذي وصفه وايزهاويت، والذي يهدف الماسونيون من خلاله إلى تحقيق ما يريدون.
والمتتبع لأحوال العالم يشاهد آثار ذلك التخطيط.
ولما انتهى وايزهاويت من وضع مخططه السابق كُلِّف - أيضاً - بتنظيم المحفل (النوراني) نسبة إلى الشيطان الذي كان مخلوقاً نورانياً - كما يقولون - وسمي ذلك المحفل بهذا الاسم؛ تذكيراً بالرابطة التي تربط جماعة الماسون والشيطان.
وهكذا استمرت المحافل في أداء رسالتها الشيطانية في جميع البلاد التي تحل بها، بل واستطاعت أن تغزو بعض البلاد الإسلامية عن طريق شعاراتها البراقة: الحرية، والإخاء، والمساواة، فخدعت الكثير من الناس بهذه الشعارات.
وفي عام ١٨٣٠م فوجئت المحافل الماسونية بوفاة آدم وايزهاويت الرأس المفكر عندهم، والمخطط لأعمالهم بعد حياة طويلة سخر خلالها عبقريته الشريرة لخدمة أتباع الشيطان.
حينئذٍ فترت أعمال المحافل، وخمدت أنشطتها، وأوشكت أن تشل حركتها بالكامل بعد أن علمت بعض الحكومات بما تدبره وتعمل له، وبعد أن أحاطت بآراء تلك المحافل وأهدافها البعيدة، لكن الاجتماع المفاجئ الذي دعت له المحافل عام ١٨٣٤م والذي تقرر فيه اختيار الزعيم الإيطالي (مازيني) خلفاً لآدم وايزهاويت - مكَّن هذه المحافل من تنفيذ برامجها في إثارة الفوضى والتخريب في ربوع العالم.
وفي عام ١٨٤٠م استطاع المحفل الماسوني العالمي النوراني أن يضم إلى عضويته شخصية جديدة هو الجنرال الأمريكي (ألبرت بايك) الذي سُرِّح من الجيش الأمريكي ومعه قواته من الجنود الحمر؛ لارتكابهم فظائع وحشية تحت ستار الأعمال الحربية.
ونجحت الماسونية في استغلال حقده، وغضبه لما حل به من جراء تسريحه لخدمتها ولم تمض إلا فترة وجيزة على انضمام هذا الرجل للمحفل حتى أصبح المشرف الأول، والمخطط لهم في تنفيذ برامجهم.
لقد عمد النورانيون إلى بايك بالناحية التخطيطية، واختاروا له مقراً للعمل في بلدة صغيرة هادئة في الولايات المتحدة الأمريكية في (ليتل روك). وفي هذه البلدة استقر (بايك) في قصر هادئ واعتكف فيه من عام ١٨٥٩ - ١٨٧١م وفي خلال هذه الأعوام قام بدراسة مستفيضة لمخططات (وايزهاويت) ثم وضع مخططاته الجديدة على ضوئها (٢).
والذي يعنينا في هذا الصدد أن بايك أقرَّ ونظم تبني النورانيين لحركات التخريب العالمية الثلاث المبنية على الإلحاد وهي:
١ - الشيوعية. ٢ - الفاشستية (٣).٣ - الصهيونية (٤).
فالأولى: وهي الشيوعية للإطاحة بالحكم الملكي في روسيا، وبعد الإطاحة بالحكم تجعل هذه المنطقة من العالم هي العقل المركزي للحركة الشيوعية الإلحادية، تم تأتي بعد ذلك مرحلة الانطلاق بالشيوعية إلى كل أرجاء العالم، بغية تدمير المعتقدات الدينية والأخلاقية.
(١) وذلك في ١٥ - ٨ - ١٤١٠هـ وقد شارك في الندوة كل من د/ عبد القادر طاش ود/ أحمد البناني وذلك بدعوة من رئيس اللجنة الثقافية د/ عبد العزيز العقلا
(٢) الأستاذ بجامعة أم القرى والكاتب المعروف.
(٣) انظر ((مجلة التضامن الإسلامي)) عدد شوال ١٤١٠ هـ حيث نشر هذا الكلام، وقد اقتصرت على مكان الشاهد.
(٤) انظر ((التضليل الاشتراكي)) (ص٦٦).