ومما ذكر عن لينين أنه كان مُعَقَّداً عنيفاً قاسي القلب مستبداً بالرأي، حاقداً على البشرية. ومن صفاته أنه كان كالح الوجه، دائم العبوس، سيء الظن بكل من حوله، يفترض أن العداوة كامنة في كل نفس؛ فمن كلامه للأديب الروسي مكسيم جورجكي: ينبغي أن يحذر الإنسان من التربيت بيده على رؤوس الناس؛ لأنها قد تصادف هناك عضة تستأصلها (١).
وكان ذا شخصية شاذة، فله شذوذات كثيرة، منها أنه لا يقبل أن يكون في مكتبه مقعد مريح للجلوس عليه.
وكان خطيباً بارعاً، وقد اتخذه الروس صنما معبوداً وأضفوا عليه ألقاباً كثيرة، فيصفونه بأنه سلس منقاد، بسيط كالحق، رقيق كالنسيم.
وهي في الحقيقة - صفات أملاها الرعب، ولم يملها الحقائق والواقع؛ ذلك أن الشعب يبغضه بشدة، والدليل على ذلك كثرة المؤامرات التي دبرت لقتله، غير أنه لم يمت إلا في يناير عام ١٩٢٤م.
أما الريبة التي أحاطت بموته فهي حقيقة تناولها الناس بعد مدة من وفاته؛ فقد ألزمه المرض فراشه في أواخر أيامه، وكان الفالج يعاوده بالإلحاح بين الفينة والأخرى.
وفي تلك الأثناء تغير رأيه في ستالين وكان إذ ذاك سكرتير الحزب، وكان قد أفضى إلى بعض رفاقه أنه لا يطمئن إليه، وأن في عزمه أن يخلعه من سكرتارية الحزب. ويقال إن ذلك نما إلى علم ستالين، فدس له سماً قضى عليه (٢).٢ - تروتسكي (٣): وهو من الشخصيات البارزة في الحزب الشيوعي بروسيا، وكانت مكانته تلي مكانة لينين، فلقد كان تروتسكي من المصطفين والموثوق بهم لدى لينين.
وقد ولد سنة ١٨٧٩م واغتيل سنة ١٩٤٠م في المكسيك.
وليس هذا هو اسمه الحقيقي، بل اسمه بروستالين، وهو ابن لرجل يهودي من الطبقة المتوسطة.
وفي عام ١٨٩٨م كان له نشاط ثوري فقبض عليه وحكم عليه بالسجن أربعة أعوام ونصف، ثم رحل منفياً إلى شرق سيبيريا، ولكنه في عام ١٩٠٢م تمكن من الهرب إلى إنجلترا باستعمال جواز سفر مزيف، وكان صاحب الجواز يدعى تروتسكي، فاستولى على الجواز والاسم جميعاً، وظل ينادى بذلك الاسم طيلة حياته.
وأقام عقب هربه في لندن، وهناك اتصل بالحزب الديمقراطي الاشتراكي؛ وكان حينئذ في الثالثة والعشرين من عمره.
ورغم حداثة سنه أصبح عضواً بارزاً، وكان من رفاقه في هذا المجتمع لينين، وليمنانوف.
وقد شارك في تحرير جريدة لينين (القبس) التي تعد أشهر صحيفة اشتراكية، وعاد إلى روسيا سنة ١٩٠٥م وأجري انتخابٌ لاختيار مندوبين عن العمال في مدينة (بطرسبرج) عقب عودته، فاختير عضواً، ثم اختير رئيساً.
وفي إحدى الجلسات هجم عليهم رجال الشرطة فاعتقلوا جميعاً، ونفي تروتسكي مرة ثانية إلى سيبيريا.
ومرة ثانية تمكن من الهرب عقب وصوله مباشرة، فاتخذ طريقه هذه المرة إلى النمسا، ثم ظل يراسل ويكتب للصحف الروسية.
وفي سنة ١٩١٣م عمل مراسلاً حربياً، وتنقل في العواصم بين باريس وزيورخ، وبذل نشاطاً مع الثوار الاشتراكيين، وأخرج في هذا الوقت كتاباً عن أسباب الحرب العالمية الأولى، ثم حكم عليه بالسجن ثمانية شهور وكان ذلك -أيضاً- بسبب نشاطه الثوري وخطورته أيام الحرب.
(١) (٤٤٠) انظر ((هذه هي الاشتراكية)) (ص٢٦).
(٢) إذا أردت المزيد من الشواهد فاقرأ كتاب ((التضليل الاشتراكي)) للدكتور صلاح الدين المنجد لترى فيه عجبا من بعض الكتاب في مصر في ثنائهم على الاشتراكية والماركسية وأن الدين الإسلام هو أساسهما؟! وكتابه ((بلشفة الإسلام)) واقرأ ما كتبه الدكتور عمر حليق في كتابه ((دور الماركسية في الاشتراكية العربية)).
(٣) (٤٤٢) وهي موسوعة فيها دس خطير يجب الانتباه له.