زعم الملاحدة أن قضية الرق نشأت إثر صراع طبقي بين المنتصرين في الحرب والمهزومين من جهة، وبين أصحاب الأموال الدائنين وبين الفقراء المدينين من جهة أخرى ولأسباب مادية أيضا انهار أمر الرق تدريجيا لأنه لم يعد تجارة رابحة وأيضا فإن أولئك المنهزمين والفقراء حينما أحسوا في فترة من فترات تاريخهم للرق والعبودية التي يعانونها أرادوا أن يثأروا لأنفسهم كما هو الحال في بقية الحيوانات الأخرى التي شاركتهم في النشأة الأولى وحصل الصراع الطبقي العنيف بين الفقراء المعوزين والأغنياء انتصر فيها الفقراء وجعلوا الأغنياء في النهاية عبيدا ليبدأ الصراع أيضا على أشده كأنهم قطعان الثيران المتصارعين وهنا تدخل الدين ليكون أداة روحية لاستعباد الجماهير وإقامة كل الأشكال الراهنة للوضع الاجتماعي بما يعدهم به أن صبروا على ما هم فيه من البلاء والذل؟!
وازداد النظام الاستعبادي ضراوة وصراعا فنشأ الإقطاع، هكذا تعليلهم لنشأة الرق وظهور التدين ونهاية الرق وهذه كلها كما يلاحظ القارئ اللبيب افتراضات خرقاء وليس لهم أي دليل إلا آراؤهم التي تخيلوها في نشأة الرق والإقطاع وغيرها من التقسيمات التي أحدثوها بأفكارهم الإلحادية، ولأنهم لا يعلمون أن حكمة الله تعالى اقتضت أن لا يكون الأنبياء من أصحاب الثروة أو الجاه فظنوا والظن أكذب الحديث أن الأنبياء إنما أتوا بما أتوا به محافظة منهم على حفظ أموالهم وتجاراتهم وليبقى الكادحون أرقاء لهم دائما إن هم صبروا على ما هم فيه، وأنت تعلم أيها القارئ أن هذه الخدعة لا مكان لها إلا رأس إبليس ومن اتبعه من الملاحدة أصحاب الخيالات السقيمة.
٣ - الإقطاع
علل الملاحدة لظهورالإقطاع بأن العالم كانوا على طبقتين هما طبقة كبار الملاك، وطبقة رجال الدين. وبقية الناس مسخرين مستعبدين لهاتين الطبقتين وحينما ظهرت أدوات الإنتاج المتطورة كالمحراث الحديدي وغيره من الأدوات الجديدة ظهر الإقطاع بشكل قوي وصار المستعبدون تحت رحمة الملاك وأصحاب الجاه يعملون لحسابهم ولا ينالون إلا ما تجود به أيدي أولئك الأثرياء في الوقت الذي كان فيه الأثرياء ورجال الدين قد تمالأوا على إبقاء تلك الطبقة الفقيرة في معزل عن التفكير السليم لحالهم ولكن بعد وقت أفاق الفلاحون ورأوا ما حل بهم من الغبن فثاروا ضد تلك الطبقات الثرية والدينية لرفع الظلم الفاحش عنهم ولكن ثورتهم كانت أضعف من إزاحة تلك الطبقات الثرية والدينية لما يأتي:
أولا: لأنها ثورة غير منظمة.
وثانيا: لحاجة الفقراء الشديدة.
وثالثا: للقوة المتينة التي كان يتحصن بها الأثرياء وأصحاب الدين.
إلا أن تطور الأمور الاقتصادية أخذت تحط من كبرياء أصحاب الثروة من الإقطاعيين لتحل الرأسمالية بدل الإقطاع في حركات تطورية متلاحقة تتمشى مع خيالات واضعي الماركسية، وبغض النظر عن صحة هذا التعليل أو عدم صحته فإن الإسلام يعتبر تلك الأوضاع كلها باطلة وجاهلية بغيضة ما أنزل الله بها من سلطان، على افتراض وجود تلك الأحوال على الصورة التي تخيلها " ماركس " وأتباعه، فلا يجوز رد الحق بالخطأ والتخمين.
الرأسمالية " البرجوازية ":
لقد ظهرت الرأسمالية – أو البرجوازية كما يسميها الشيوعيون – لعدة عوامل من أهمها:
- استحواذهم في الأساس على مصادر المال واستقراره في أيديهم.
- اختراع الآلات الحديثة التي حلت محل الأيدي العاملة من طبقات الإقطاع والرق لعدم إنتاجهم بالكثرة التي تنتجها تلك الآلات فصارت حالة الرق متناقضة مع حالة الإقطاع فألغت بدورها حالة الإقطاع التي كانت قائمة على استعباد الكادحين للعمل للإقطاعيين النبلاء وبحث الجميع عن رأس المال.
- ازدياد حجم التجارة في أوروبا بدلا عن الزراعة.