اجتمع المؤسسون في أحد أقبية قصر الملك وسموا مكان اجتماعهم هيكلا تخليدا لهيكل سليمان الذي يزعمه اليهود وكانت مهمتهم في هذه الجلسة هو تدارس اليمين التي يجب أن يؤديها كل عضو يدخل في جمعيتهم والطريقة التي يتم بها إدخال الشخص معهم وبعض الرموز كالبيكار والميزان والصور الفلكية كرسم الشمس والقمر والنجوم لإيهام الداخل بأن جمعيتهم قديمة كقدم هذه الأفلاك ثم وزعت المهام على الأعضاء وانتشروا لاستجلاب الناس إلى الدخول في هذه القوة الخفية وتأسيس الهياكل الماسونية ودعوة الأثرياء للبذل والمساعدة في بناء هذه القوة الخفية فسجلوا في ظرف ودعوة أشهر خمسة وأربعين هيكلا تضم نحوا من ألفي عضو خفي.
وحينما أحس الملك هيرودس بدنو أجله في عام ٤٤ م أودع سر هذه الجمعية لابنه "أغريبا" وشدد عليه في كتمان سرها والعمل الحثيث لإنهاء المسيحيين.
وحينما آلت رئاسة الجمعية إلى " أحيرام أبيود" المخترع الأول للجمعية سمى هيكل القدس المركزي " كوكب الشرق الأعظم" تحديا وتكذيبا للكوكب الذي هدى المجوس لمكان ولادة المسيح – كما جاء في أنجيل متى – ثم أصدروا أمرا مشددا يقضي بالإجهاز على كل أتباع المسيح ثم غادر القدس ليشهد بنفسه مجازر المسيحيين وقتلهم فانقطعت أخباره أياما ثم شوهد إلى جانب شجرة أكاسيا جيفة تتنازعها الكواسر والجوارح وما دل على شخصه إلا المطرقة المنقوشة على خاتمه إذ على كل عضو خفي أن يصطحب من رموز جمعية " القوة الخفية" ما يدل عليه. وقبل موته كان قد أفضى بالسر إلى ابن أخيه "طوبا لقيان" فأصبح رئيسا بعده فاقترح أمورا وافقوا عليها قائلا: " إن أحيرام (١) مؤسس الجمعية الخفية وشهيد الجهد والإخلاص فلنطلق عليه لقب " معلم" (٢) تحديا للقب المسيح ولنطلق على الجمعية الخفية اسم " الأرملة" تخليدا لـ " أحيرام" إذ هو ابن أرملة ولنضع حول جثمانه ثلاثة مصابيح احتقارا لمسامير المسيح الثلاثة ولنقم حفلات تذكارية تمثل بها موت " أحيرام" لكما نال طالب خفي الدرجة الثالثة إذ هي من الدرجة التي تخلد اسمه وحيث قتلته اليد الخفية المسيحية (٣) يجب على كل خفي مناجزتها ومناجزة مطلق أية جمعية يتزعمها العميان ولنضع للخفيين الفرعيين رموزا يتعارفون بها ليدون لنا استخدامهم.
وقد قويت الماسونية واستشرى خطرها خصوصا في عام ١٧١٧م فانتشرت الهياكل الخفية في الغرب وفي فارس بعضها كان مرتبطا بكوكب الشرق الأعظم بفلسطين وبعضها بهيكل رومية وحينما جاء الإسلام كان دور الخفيين في محاولة الحد من انتشاره مخيفا ووقعت الحرب اليهودية النفعية التي سميت صليبية وتأسست فرقة البروتستانت بيد اليهود وخططهم ولا يزالون يواصلون جهودهم لتنفيذ آخر رغباتهم ونسأل الله أن لا يمكنهم وأن يحول بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل.
أما بالنسبة للقول بأنها تأسست بعد القرن الثامن عشر الميلادي فهو قول بالتخمين.
وأما بالنسبة للقول بأنها تأسست في عهد موسى عليه السلام في التيه فأعتقد أن هذا القول باطل لوجود نبي الله موسى عليه السلام ولأن بقاءهم في التيه لا يسمح لهم بطرق مثل هذه المؤامرات والآراء الخطيرة.
وأما انبثاقها عن جمعية الصليب الوردي فمتى كان اليهود يرضون عن الصليب؟!!
والقول بأنها تأسست إثر الحروب الصليبية يرده أنها كانت موجودة قبل قيام تلك الحروب بزمن قديم جدا.
وأما القول بأنها ظهرت بعد بناء الهيكل فهو قول كذلك عن طريق التخمين وإذا كان المقصود به أن نبي الله سليمان عليه السلام هو الذي أقامها فلا شك في كذب هذا القول.
وأكذب منه القول برجوع نشأتها إلى الكهانة المصرية والهندية القديمة.
وأما القول بأنها نشأت في الجنة .. إلخ، فهو قول سخيف وباطل في عهد الملك "هيرودس" في القرن الأول (٣٧ - ٤٤م) فهما أقوى الأقوال فيما يظهر ولا يبعد عن الصحة.
المصدر:المذاهب الفكرية المعاصرة لغالب عواجي ١/ ٥٠٨
(١) لقد أصبح " أحيرام " من المقدسين في الحركة الماسونية ولئلا ينكشف تقديسهم لـ "أحيرام" اليهودي اخترع اليهود دهاة الماسونية قصة موهوا بها على الأعضاء الجدد الداخلين في الماسونية اسم " أحيرام " بأنه كان رجلا مهندسا قتله العمال بسبب عدم إفشاء سر الهندسة في عهد سليمان وقد بحث عنه سليمان فوجده مقتولا مدفونا في مكان سري ففرح سليمان باكتشافه على أيدي الذين قتلوه ومن هنا جاء تقديس اسم" أحيرام " ولكن هذه المغالطة أصبحت مكشوفة وأن التقديس المطلوب إنما هو لـ " أحيرام" المهندس اليهودي مستشار الملك " هيرودس" الذي أشار بإنشاء تلك الحركة وليس هو لـ " أحيرام" مهندس سليمان فإذا بلغ الداخل مرتبة في الماسونية صرحوا له باسم "أحيرام " اليهودي.
(٢) في الأناجيل يطلقون عليه لقب " معلم".
(٣) لا يوجد دليل على اغتيال المسيحيين لـ" أحيرام " كما ذكره الباحثون.