وإليك أمثلة رائعة تدين الإلحاد القائم كذبا على ما سموه علما من واقع ما كتبه بعض العلماء التجريبيين:
جاء في كتاب) الله يتجلى في عصر العلم (ثلاثون مقالة لمجموعة من كبار العلماء الأمريكيين في تخصصات علمية مختلفة في علوم الكون والحياة من كيمياء وفيزياء وتشريح وأحياء، تذكر كلها أنواعا من الأدلة العلمية على وجود الله بعد أن أدهشهم ما توصلوا إليه من ملاحظات وما شاهدوه من عجائب خلق الله. لكن يجب قبل أن نسوق شواهد من أقوال هؤلاء العلماء أن نؤكد في البداية أننا نسوق هذه الشواهد لا لحاجتنا إليها فعندنا في كتاب الله ما يكفي ويشفي ولكننا نسوقها لنرغم بها أنوفا فتنها التقدم العلمي في هذا العصر فظنوا أن العلم يقتضي عدم الإيمان بالله تعالى. ولنرد بها على الذين يزعمون أن علماء الطبيعة – أو كثيرا منهم – ملحدون لأن الإيمان يجافي العلم، بزعمهم، وإليك تلك النماذج الرائعة:
يقول "فرانك ألن" عالم الطبيعة البيولوجية: إذا سلمنا بأن هذا الكون موجود فكيف نفسر وجوده ونشأته؟ هناك احتمالات أربعة للإجابة على هذا السؤال:
١ - فإما أن يكون هذا الكون مجرد وهم وخيال. وهذا يتعارض مع ما سلمنا به من أنه موجود.
٢ - وإما أن يكون هذا الكون قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم وهذا مرفوض بداهة.
٣ - وإما أن يكون هذا الكون أزلي الوجود ليس لنشأته بداية وهذا الاحتمال يساوي ما يقوله المؤمنون بالله من أزلية الخالق. لكن قوانين الكون تدل على أن أصله وأساسه مرتبط بزمان بدأ من لحظة معينة فهو إذاً حدث من الأحداث ولا يمكن إحالة وجود هذا الحدث المنظم البديع إلى المصادفة عقلا، ولذلك فهذا الاحتمال باطل.
٤ - وإما أن يكون لهذا الكون خالق أزلي أبدعه وهو الاحتمال الذي تقبله العقول دون اعتراض. وليس يرد على إثبات هذا الاحتمال ما يبطله عقلا. فوجب الاعتماد عليه.
وقال "جون كليفلاند كوثران" عالم الكيمياء والرياضيات: تدلنا الكيمياء على أن بعض المواد في سبيل الزوال أو الفناء، ولكن بعضها يسير نحو الفناء بسرعة كبيرة والآخر بسرعة ضئيلة، وعلى ذلك فإن المادة ليست أبدية. ومعنى ذلك أيضا أنها ليست أزلية إذ أن لها بداية وتدل الشواهد من الكيمياء وغيرها من العلوم على أن بداية المادة لم تكن بطيئة ولا تدريجية بل وجدت بصورة فجائية. وتستطيع العلوم أن تحدد لنا الوقت الذي نشأت فيه المواد وعلى ذلك فإن هذا العالم المادي لابد أن يكون مخلوقا وهو منذ أن خلق يخضع لقوانين وسنن كونية محددة ليس لعنصر المصادفة بينها مكان. فإذا كان هذا العالم المادي عاجزا عن أن يخلق نفسه أو يحدد القوانين التي يخضع لها فلابد أن يكون الخلق قد تم بقدرة كائن غير مادي متصف بالعلم والحكمة. وقال "ادوارد لوثر كيسيل" أستاذ الأحياء ورئيس القسم بجامعة سان فرانسيسكو: يرى البعض أن الاعتقاد بأزلية هذا الكون ليس أصعب من الاعتقاد بوجود إله أزلي، ولكن القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية يثبت خطأ هذا الرأي. فالعلوم تثبت بكل وضوح أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليا ولا يقتصر ما قدمته العلوم على إثبات أن لهذا الكون بداية، فقد أثبت فوق ذلك أنه بدأ دفعة واحدة منذ نحو خمسة بلايين سنة (١)، ولو أن المشتغلين بالعلوم نظروا إلى ما تعطيهم العلوم من أدلة على وجود الخالق بنفس روح الأمانة والبعد عن التحيز الذي ينظرون به إلى نتائج بحوثهم، ولو أنهم حرروا عقولهم من سلطان التأثر بعواطفهم وانفعالاتهم، فإنهم يسلمون دون شك بوجود الله وهذا هو الحل الوحيد الذي يفسر الحقائق، فدراسة العلوم بعقل متفتح تقودنا دون شك إلى إدراك وجود السبب الأول الذي هو الله (٢).
وإذا كان وجود الله تعالى يتجلى بهذا الوضوح فما الذي حمل الملاحدة على إنكاره؟!! وما هي الشبهات التي تعلقوا بها؟
(١) ((المذاهب المعاصرة)) (ص ١١٢).
(٢) ((المذاهب المعاصرة)) (ص ١١٢)