فصل
وَفِي الْبَاب الثَّالِث من إنجيل يوحنا أَن يحيى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ عَن الْمَسِيح قد رَضِي الْأَب عَن الْوَلَد وبرىء إِلَيْهِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاء وَفِي الْبَاب الْخَامِس من إنجيل يوحنا أَيْضا وَلِهَذَا كَانَت الْيَهُود تُرِيدُ قَتله لِأَنَّهُ لَيْسَ كَانَ يفْسخ عَلَيْهِم سنة السبت فَقَط لكنه كَانَ يَدعِي الله أَبَا وَيُسَوِّي نَفسه بِهِ وَبعده بِيَسِير أَن الْمَسِيح قَالَ كَمَا يحيي الْأَب الْمَوْتَى ويقيمهم كَذَلِك يحيي الابْن من وَافقه وَمَا يحكم الْأَب على أحد لِأَنَّهُ يرد الحكم إِلَى سليله
قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذِه الطامة أنست كل طامة سلفت وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كَيفَ ينْطَلق لِسَان أحد بِهَذَا الْكفْر الْفَاحِش الفظيع من أَن الله تَعَالَى قد اعتزل الحكم فَلَا يحكم على أحد لِأَنَّهُ برىء بالحكم وبجميع الْأَشْيَاء إِلَى وَلَده حاش لله من هَذَا إِنَّمَا عهدنا هَذَا من فعل الْمُلُوك إِذا شاخوا وضعفوا وَأَرَادُوا الِانْفِرَاد لراحاتهم ولذاتهم وترتيب الْأَمر لأولادهم لِئَلَّا ينازعهم الْأَمر بعدهمْ غَيرهم فَحِينَئِذٍ يسلمُونَ الْأَمر إِلَيْهِم فِي الظَّاهِر وَأما فِي الْبَاطِن فَلَا هَذَا كفر مَا قَدرنَا أحد أَن ينْطَلق بِهِ لِسَانه حَتَّى سمعناه من قبل هَذَا الْكَافِر يوحنا لَعنه الله وَالْحَمْد لله على عَظِيم نعْمَته علينا كثيرا
فصل
وَبعده بِيَسِير فِي الْبَاب الْخَامِس من إنجيل يوحنا أَن الْمَسِيح قَالَ فَكَمَا احتوى الْأَب الْحَيَاة فِي ذَاته كَذَلِك ملك وَلَده الاحتواء على الْحَيَاة فِي ذَاته وَأَعْطَاهُ سُلْطَانا وَملكه الْحُكُومَة وَالسُّلْطَان والحياة كَمَا هِيَ للْأَب لِأَنَّهُ ابْن الْإِنْسَان
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَهَل سمع قطّ بأسخف من هَذِه الْمقَالة إِذْ أخبر أَن من أجل إِن الْمَسِيح هُوَ ابْن الْإِنْسَان ساواه الله بِنَفسِهِ وَهَذَا كُله يُوجب أَنه غير الله وَلَا بُد لِأَن الْمُعْطِي المملك هُوَ غير الْمُعْطِي المملك بِلَا شكّ
فصل
وَبعده بِيَسِير فِي الْبَاب نَفسه أَن الْمَسِيح قَالَ وَلَا أقوى أَن أفعل من ذاتي شَيْئا لَكِن أحكم بِمَا اسْمَع وحكمي عدل لِأَنِّي لست أنفذ إرادتي إِلَّا إِرَادَة أبي الَّذِي بَعَثَنِي فَإِن كنت أشهد لنَفْسي فَإِن شهادتي غير مَقْبُولَة وَلَكِن غَيْرِي يشْهد لي وَفِي الْبَاب السَّادِس من إنجيل يوحنا أَيْضا أَن الْمَسِيح قَالَ إِنَّمَا نزلت من السَّمَاء لأتم إِرَادَة أبي الَّذِي بَعَثَنِي لَا إرادتي وَفِي الْبَاب السَّابِع من إنجيل يوحنا أَنه قَالَ الْمَسِيح لَيْسَ علمي لي لَكِن للَّذي بَعَثَنِي وَفِي الْبَاب الْحَادِي عشر من إنجيل يوحنا أَيْضا أَن الْمَسِيح قَالَ لَهُم لَو أجبتموني لعرجتم بمسيري إِلَى الْأَب لِأَن الْأَب أكبر مني
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَهَل فِي الْعُبُودِيَّة والتذلل بِالْحَقِّ لله تَعَالَى أَكثر من هَذَا وَكَيف يجْتَمع هَذ الْكَلَام مَعَ الَّذِي قبله بأسطار من من أَنه مسَاوٍ لله وَأَن الله لَا يحكم بعد على أحد لَكِن يبرأ بالحكم كُله إِلَى وَلَده أما فِي هَذِه المناقضات السخيفة عِبْرَة لمن اعْتبر ثمَّ عجب آخر قَوْله هَاهُنَا إِن كنت أشهد لنَفْسي فشهادتي غير مَقْبُولَة ثمَّ قَالَ فِي آخر الْبَاب السَّابِع من إنجيل