الآخر ومعاذ الله من هَذَا القَوْل وكذذلك قد منع الله تَعَالَى من هَذَا القَوْل بقوله تَعَالَى {لَا تختصموا لدي وَقد قدمت إِلَيْكُم بالوعيد مَا يُبدل القَوْل لدي وَمَا أَنا بظلام للعبيد} وَنحن نقُول أَن الله تَعَالَى يعذب من يَشَاء وَيرْحَم من يَشَاء وَأَنه تَعَالَى يغْفر مَا دون الشّرك لمن يَشَاء وَأَن كل أحد فَهُوَ فِي مَشِيئَة الله تَعَالَى إِلَّا أننا نقُول أَنه تَعَالَى قد بَين من يغْفر لَهُ وَمن يعذب وَإِن الموازين حق الموازنة حق الشَّفَاعَة حق وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد بن بَيَان حَدثنَا أَحْمد بن عيد النصير حَدثنَا قَاسم بن أصبغ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الختنى حَدثنَا كحمد بن الْمثنى حَدثنَا وَكِيع بن الْجراح حَدثنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن خَالِد الْحذاء عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الله تَعَالَى {وَإِنَّا لموفوهم نصِيبهم غير مَنْقُوص} قَالَ مَا وعدوا فِيهِ من خير وَشر وَهَذَا هُوَ نَص قَوْلنَا وَقد ادّعى قوم أَن خلاف الْوَعيد حسن عِنْد الْعَرَب وأنشدوا ... وَإِنِّي وَإِن واعدته وأوعدته
لمخلف ميعادي ومنجزه موعدي ...
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا لَا شَيْء قد جعل فَخر صبي أَحمَق كَافِر حجَّة على الله تَعَالَى وَالْعرب تَفْخَر بالظلم قَالَ الراجز ... أَحْيَا أَبَاهُ هَاشم بن حر مله ... ترى الْمُلُوك حوله مغر لَهُ ... يقتل ذَا الذَّنب وَمن لَا ذَنْب لَهُ وَقد جعلت الْعَرَب مخلف الْوَعْد كَاذِبًا قَالَ الشَّاعِر أنْشدهُ أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى ... أتوعدني وَرَاء بني رَبَاح ... كذبت لتقصرن يداك دوني ...
فَإِن قَالُوا خصوا وَعِيد الشّرك بالموازنة قُلْنَا لَا يجوز لِأَن الله تَعَالَى منع ذَلِك قَالَ تَعَالَى {وَمن يرتدد مِنْكُم عَن دينه فيمت وَهُوَ كَافِر فَأُولَئِك حبطت أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة}
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَأهل النَّار متناضلون فِي عَذَاب النَّار فأقلهم عذَابا أبوطالب فَإِنَّهُ تُوضَع جمرتان من نَار فِي أخمصيه إِلَى أَن يبلغ الْأَمر إللى قَوْله تَعَالَى {ادخُلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب} وَقَوله تَعَالَى {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار} وَلَا يكون الأشد إِلَّا إِلَى جنب إِلَّا دون وَقَالَ تَعَالَى {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر}
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَالْكفَّار معذذبون على الْمعاصِي الَّتِي عمِلُوا من غير الْكفْر برهَان ذَلِك قَول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين وَلم نك نطعم الْمِسْكِين وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الخائضين وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدّين حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين} فنص تَعَالَى على أَن الْكفَّار يُعَذبُونَ على ترك الصَّلَاة وعَلى ترك الطَّعَام للمسكين
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَأما من عمل مِنْهُم الْعتْق وَالصَّدَََقَة أَو نَحْو ذَلِك من أَعمال الْبر فحابط كل ذَلِك لِأَن الله عز وَجل قَالَ أَنه من مَاتَ وَهُوَ كَافِر حَبط عمله لَكِن لَا يعذب الله أحدا إِلَّا على مَا عمل لَا على مَا لم يعْمل قَالَ الله تَعَالَى {هَل تُجْزونَ إِلَّا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} فَلَمَّا كَانَ من لَا يطعم الْمِسْكِين من الْكفَّار يعذب على ذَلِك عذَابا زَائِدا فَالَّذِي أطْعم الْمِسْكِين مَعَ كفره لَا