وَسلم وَكَذَلِكَ من قلد فَقِيها فَاضلا دون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ عقده أَنه لَا يتبع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا إِن وَافق قَوْله قَول ذَلِك الْفَقِيه فَهَذَا فَاسق بِلَا شكّ أَن فعله غير مُعْتَقد لَهُ وَهُوَ كَافِر بِلَا شكّ أَن اعتقده بِقَلْبِه أَو نطق بِهِ بِلِسَان لمُخَالفَته قَول الله تَعَالَى {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجاً مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا} فنفي الله عز وَجل عَن أهل هَذِه الصّفة الْإِيمَان وَأقسم على ذَلِك وَنحن ننفي مَا نفي الله عز وَجل عَمَّن نَفَاهُ عَنهُ وَيقسم على ذَلِك ونوقن أننا على الْحق فِي ذَلِك وَأما من قلد فَقِيها فَاضلا وَقَالَ إِنَّمَا اتبعهُ لِأَنَّهُ اتبع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا مُخطئ لِأَنَّهُ فعل من ذَلِك مَا لم يَأْمُرهُ الله تَعَالَى بِهِ وَلَا يكفر لِأَنَّهُ قَاصد إِلَى اتِّبَاع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُخطئ للطريق فِي ذَلِك وَلَعَلَّه مأجور بنيته أجرا وَاحِدًا مَا لم نقم الْحجَّة عَلَيْهِ بخطأ فعله فَإِن ذكرُوا قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث فتْنَة الْقَبْر وَأما الْمُنَافِق أَو المرتاب فَإِنَّهُ يُقَال لَهُ مَا قَوْلك فِي هَذَا الرجل يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلنه
قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذَا حق على ظَاهره كَمَا أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَا يَقُول هَذَا إِلَّا الْمُنَافِق أوالمرتاب لَا الْمُؤمن الموقن بل الْمُؤمن الموقن فِي هَذَا الحَدِيث أَنه يَقُول هُوَ عبد الله وَرَسُوله أَتَانَا بِالْهدى والنور أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ أَو أخبر عَلَيْهِ السَّلَام عَن موقن ومرتاب لَا عَن مستدل وَغير مستدل وَكَذَلِكَ نقُول أَن من قَالَ فِي نَفسه أَو بِلِسَانِهِ لَوْلَا أَنِّي نشأت بَين الْمُسلمين لم أكن مُسلما وَإِنَّمَا اتبعت من نشأت بَينهم فَهَذَا لَيْسَ مُؤمنا وَلَا موقناً وَلَا مُتبعا لمن أمره الله تَعَالَى باتباعه بل هُوَ كَافِر
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَإِذا كَانَ قد يسْتَدلّ دهره كُله من لَا يوفقه الله تَعَالَى للحق وَقد يوفق من لَا يسْتَدلّ يَقِينا لَو علم أر أَبَاهُ أَو أمه أَو ابْنة أَو امْرَأَته أَو أهل الأَرْض يخالفونه فِيهِ لاستحل دِمَاءَهُمْ كلهم وَلَو خير بَين أَن يلقِي فِي النَّار وَبَين أَن يُفَارق الْإِسْلَام لاختار أَن يحرق بالنَّار على أَن يَقُول مثل هَذَا قُلْنَا فَإذْ هُوَ مَوْجُود فقد صَحَّ أَن الِاسْتِدْلَال لَا معنى لَهُ وَإِنَّمَا الْمدَار على الْيَقِين وَالْعقد فَقَط وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَإِنَّمَا يضْطَر إِلَى الِاسْتِدْلَال من نازعته نَفسه إِلَيْهِ وَلم يسكن قلبه إِلَى اعْتِقَاد مَا لم يعرف برهانه فَهَذَا يلْزمه طلب الْبُرْهَان حِينَئِذٍ ليقي نَفسه نَارا وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة فَإِن مَاتَ شاكا قبل أَن يَصح عِنْده الْبُرْهَان مَاتَ كَافِرًا مخلد فِي النَّار أبدا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ثمَّ نرْجِع إِلَى مَا كُنَّا فِيهِ هَل المعارف باضطرار أم باكتساب فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق أَن المعلومات قسم وَاحِد وَهُوَ مَا عقد عَلَيْهِ المر قلبه وتيقنه ثمَّ هَذَا يَنْقَسِم قسمَيْنِ أَحدهمَا حق فِي ذَاته قد قَامَ الْبُرْهَان على صِحَّته وَالثَّانِي لم يقم على صِحَّته برهَان وَأما مَا لم يتَيَقَّن الْمَرْء صِحَّته فِي ذَاته فَلَيْسَ عَالما بِهِ وَلَا لَهُ بِهِ علم وَإِنَّمَا هُوَ ظان لَهُ وَأما كل مَا علمه الْمَرْء ببرهان صَحِيح فَهُوَ مُضْطَر إِلَى علمه بِهِ لِأَنَّهُ لَا مجَال للشَّكّ فِيهِ عِنْده وَهَذِه صفة الضَّرُورَة وَأما الِاخْتِيَار فَهُوَ الَّذِي إِن شَاءَ الْمَرْء فعله وَإِن شَاءَ تَركه
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَعلمنَا بحدوث الْعَالم وَأَن لَهُ بِكُل مَا فِيهِ خَالِقًا وَاحِدًا لم يزل لَا يُشبههُ شَيْء من خلقه فِي شَيْء من الْأَشْيَاء وَالْعلم بِصِحَّة نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصِحَّة كل مَا أَتَى بِهِ مِمَّا نَقله إِلَيْنَا الصَّحَابَة كلهم رَضِي الله عَنْهُم وَنَقله عَنْهُم الكواف كَافَّة بعد كَافَّة حَتَّى بلغ إِلَيْنَا أَن نَقله الْمُتَّفق على عَدَالَته مثله وَهَكَذَا حَتَّى بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ كُله علم حق مُتَيَقن مَقْطُوع على صِحَّته عِنْد الله تَعَالَى لَان الْأَخْذ بِالظَّنِّ فِي شَيْء من الدّين لَا يحل قَالَ