بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يُلَازِم بُقْعَة بِعَيْنِهَا مِنْ الْمَسْجِد
١١٤٧ - (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى فِي الصَّلَاةِ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمُقَامَ الْوَاحِدَ كَإِيطَانِ الْبَعِيرِ» . رَوَاهُ الْخَمْسَة إلَّا التِّرْمِذِيَّ) .
١١٤٨ - (وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: «أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ، وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا» . مُتَّفَق عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ «أَنَّ سَلَمَةَ كَانَ يَتَحَرَّى مَوْضِعَ الْمُصْحَف يُسَبِّح فِيهِ، وَذَكَر أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَحَرَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ» .
ــ
نيل الأوطار
وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْحَائِل بَيْن الْإِمَام وَالْمُؤْتَمِّينَ غَيْر مَانِع مِنْ صِحَّة الصَّلَاة. قَالَ فِي الْبَحْر: وَلَا يَضُرّ بُعْد الْمُؤْتَمّ فِي الْمَسْجِد وَلَا الْحَائِل وَلَوْ فَوْق الْقَامَة مَهْمَا عُلِمَ حَالَ الْإِمَام إجْمَاعًا اهـ. وَكَذَلِكَ لَا يَضُرّ الْحَائِل فِي غَيْر الْمَسْجِد وَلَوْ فَوْق الْقَامَة إلَّا أَنْ يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ مَانِع.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يُلَازِم بُقْعَة بِعَيْنِهَا مِنْ الْمَسْجِد
حَدِيث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيَّ، وَالرَّاوِي لَهُ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِبْلٍ هُوَ تَمِيمُ بْنُ مَحْمُودٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثه نَظَر قَوْله: (عَنْ نَقْرَة الْغُرَاب) الْمُرَاد بِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: تَرْك الطُّمَأْنِينَة وَتَخْفِيف السُّجُود، وَأَنْ لَا يَمْكُث فِيهِ إلَّا قَدْر وَضْع الْغُرَاب مِنْقَاره فِيمَا يُرِيد الْأَكْل وَالشُّرْب مِنْهُ كَالْجِيفَةِ قَوْله: (وَافْتِرَاش السَّبُع) هُوَ أَنْ يَضَع سَاعِدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَالذِّئْبِ وَغَيْرِهِ كَمَا يَقْعُد الْكَلْب فِي بَعْض حَالَاته قَوْله: (وَأَنْ يُوَطِّن الرَّجُل) قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: بِكَسْرِ الطَّاء الْمُشَدَّدَة
وَفِيهِ أَنَّ قَوْله فِي الْحَدِيث " كَإِيطَانِ " يَدُلّ عَلَى عَدَم التَّشْدِيد؛ لِأَنَّ الْمَصْدَر عَلَى إفْعَال لَا يَكُون إلَّا مِنْ أَفْعَل الْمُخَفَّف، وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ ابْن الْأَثِير: أَنْ يَأْلَف الرَّجُل مَكَانًا مَعْلُومًا فِي الْمَسْجِد يُصَلِّي فِيهِ وَيَخْتَصّ بِهِ قَوْله: (كَإِيطَانِ الْبَعِير) الْمُرَاد كَمَا يُوَطِّن الْبَعِير الْمَبْرَك الدَّمِث الَّذِي قَدْ أَوْطَنَهُ وَاِتَّخَذَهُ مُنَاخًا لَهُ فَلَا يَأْوِي إلَّا إلَيْهِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنْ يَبْرُك عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَبْل يَدَيْهِ إذَا أَرَادَ السُّجُود مِثْل بُرُوك الْبَعِير عَلَى الْمَكَان الَّذِي أَوْطَنَهُ، يُقَال: أَوْطَنْتُ الْأَرْضَ وَوَطَنْتُهَا وَاسْتَوْطَنْتُهَا: أَيْ اتَّخَذْتهَا وَطَنًا وَمَحِلًّا
قَوْله: (عِنْد الْأُسْطُوَانَة) هِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَة وَسُكُون