١٣٨٣ - (وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي بِإِسْنَادٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ صَاحِبَكُمْ لَتُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ، يَعْنِي حَنْظَلَةَ، فَسَأَلُوا أَهْلَهُ: مَا شَأْنُهُ؟ فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ حِينَ سَمِعَ الْهَائِعَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ» )
ــ
نيل الأوطار
الْوَاحِدِ، فَيُقَدِّمُ الرَّجُلَ وَيَجْعَلُ الْمَرْأَةَ وَرَاءَهُ» وَكَأَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ. قَوْلُهُ: (أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَقْدِيمِ مَنْ كَانَ أَكْثَرُ قُرْآنًا، وَمِثْلُهُ سَائِرُ أَنْوَاعِ الْفَضَائِلِ قِيَاسًا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُغَسَّلُوا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ لَا يُغَسَّلُ، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي بَيَانِ مَاهِيَّةِ الشَّهِيدِ الَّذِي وَقَعَ الْخِلَافُ فِي غُسْلِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَكَاهُ عَنْهُمَا ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّهُ يُغَسَّلُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ وَالِاعْتِذَارُ عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ التَّرْكَ إنَّمَا كَانَ لِكَثْرَةِ الْقَتْلَى وَضِيقِ الْحَالِ مَرْدُودٌ بِعِلَّةِ التَّرْكِ الْمَنْصُوصَةِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَهِيَ رِوَايَةٌ لَا مَطْعَنَ فِيهَا وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ مِنْهَا عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْحَاكِمِ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: غَرِيبٌ وَغَلِطَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ: وَحَسَّنَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ» .
وَعَنْ جَابِرٍ حَدِيثٌ آخَرُ غَيْرُ حَدِيثِ الْبَابِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد قَالَ: «رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ أَوْ فِي حَلْقِهِ فَمَاتَ، فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ قَالَ: «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ» وَفِي إسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ الْوَاسِطِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ وَفِيهِ مَقَالٌ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَسَيَأْتِي، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الشَّهِيدِ إذَا كَانَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا سَائِرُ مَنْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّهِيدِ كَالطَّعِينِ وَالْمَبْطُونِ وَالنُّفَسَاءِ وَنَحْوِهِمْ فَيُغَسَّلُونَ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ) قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَعَلَيْهِ الْمَعْنَى قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِهَا وَلَا يُفْسِدُ، لَكِنَّهُ لَا يَبْقَى فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ: " لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ " أَنْ لَا يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ انْتَهَى.
وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ
١٣٨٣ - (وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي بِإِسْنَادٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ صَاحِبَكُمْ لَتُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ، يَعْنِي حَنْظَلَةَ، فَسَأَلُوا أَهْلَهُ: مَا شَأْنُهُ؟ فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ حِينَ سَمِعَ الْهَائِعَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ» ) الْحَدِيثُ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: قِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ رَوَاهَا ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَالسَّرَقُسْطِيُّ فِي غَرِيبِهِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا وَالْحَاكِمُ أَيْضًا