بَابُ الْخِتَانِ
١٣١ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اخْتَتَنَ إبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ مَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ» . مُتَّفَق عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَذْكُرْ السِّنِينَ) .
ــ
نيل الأوطار
بُرْجُمَةٍ بِضَمِّ الْبَاءِ وَالْجِيمِ وَهِيَ عُقَدُ الْأَصَابِعِ وَمَعَاطِفُهَا كُلُّهَا وَغَسْلُهَا سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَيُلْحَقُ بِالْبَرَاجِمِ مَا يَجْتَمِعُ مِنْ الْوَسَخِ فِي مَعَاطِفِ الْأُذُنِ وَقَعْرِ الصِّمَاخِ فَيُزِيلُهُ بِالْمَسْحِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ) هُوَ بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ تَفْسِيرَهُ بِأَنَّهُ الِاسْتِنْجَاءُ وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ وَكِيعٌ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: مَعْنَاهُ: انْتِقَاصُ الْبَوْلِ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي غَسْلِ مَذَاكِيرِهِ.
وَقِيلَ: هُوَ الِانْتِضَاحُ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بَدَلُ الِانْتِقَاصِ الِانْتِضَاحُ، وَالِانْتِضَاحُ: نَضْحُ الْفَرْجِ بِمَاءٍ قَلِيلٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِيَنْفِيَ عَنْهُ الْوَسْوَاسَ، وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّهُ رُوِيَ انْتِفَاصٌ بِالْفَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَالَ فِي فَصْلِ الْفَاءِ قِيلَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ بِالْفَاءِ قَالَ: وَالْمُرَادُ نَضْحُهُ عَلَى الذَّكَرِ لِقَوْلِهِمْ: لِنَضْحِ الدَّمِ الْقَلِيلِ نُفْصَةٌ وَجَمْعُهَا نُفَصٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ شَاذٌّ. قَوْلُهُ: (وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ) هَذَا شَكٌّ مِنْهُ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَلَعَلَّهَا الْخِتَانُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْخَمْسِ الْأُولَى، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ أَوْلَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمَضْمَضَةِ فِي الْوُضُوءِ.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ الرَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ سُنَّةٌ وَرُوِيَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: (عَشْرٌ مِنْ السُّنَّةِ) وَرَدَّهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ: (عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ) قَالَ: بَلْ وَلَوْ وَرَدَ بِلَفْظِ مِنْ السُّنَّةِ لَمْ يَنْتَهِضْ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ السُّنَّةُ أَيْ الطَّرِيقَةُ لَا السُّنَّةُ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ الْأُصُولِيِّ. قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ سُنَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
بَابُ الْخِتَانِ
قَوْلُهُ: (الْخِتَانُ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُثَنَّاةِ مَصْدَرُ خَتَنَ أَيْ قَطَعَ، وَالْخَتْنُ بِفَتْحِ ثُمَّ سُكُونٍ قَطْعُ بَعْضِ مَخْصُوصٍ مِنْ عُضْوٍ مَخْصُوصٍ، وَالِاخْتِتَانُ وَالْخِتَانُ اسْمٌ لِفِعْلِ الْخَاتِنِ، وَلِمَوْضِعِ الْخِتَانِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ (إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: خِتَانُ الذَّكَرِ: قَطْعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ تُسْتَوْعَبَ مِنْ أَصْلِهَا عِنْدَ أَوَّلِ الْحَشَفَةِ، وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ أَنْ لَا يَبْقَى مِنْهَا مَا يَتَغَشَّى بِهِ.
وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْمُسْتَحَقُّ فِي الرِّجَالِ قَطْعُ الْقُلْفَةِ وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ الْجِلْدَةِ شَيْءٌ يَتَدَلَّى. وَقَالَ ابْنُ