٢٢١٩ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُعَاوَمَةِ وَالْمُخَابَرَةِ.» وَفِي لَفْظٍ: «بَدَلَ الْمُعَاوَمَةِ: وَعَنْ بَيْعِ السِّنِينَ» ) .
٢٢٢٠ - (وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ.» وَفِي رِوَايَةٍ. «حَتَّى يَطِيبَ.» وَفِي رِوَايَةٍ: «حَتَّى يُطْعَمَ» ) .
٢٢٢١ - (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَطَاءَ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَأَنْ يَشْتَرِيَ النَّخْلَ حَتَّى يُشْقِهَ، وَالْإِشْقَاءُ أَنْ يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ أَوْ يُؤْكَلَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالْمُحَاقَلَةُ أَنْ يُبَاعَ الْحَقْلُ بِكَيْلٍ مِنْ الطَّعَامِ مَعْلُومٍ، وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يُبَاعَ النَّخْلُ بِأَوْسَاقٍ مِنْ التَّمْرِ، وَالْمُخَابَرَةُ الثُّلُثُ وَالرُّبُعُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، قَالَ زَيْدٌ: قُلْت لِعَطَاءَ: أَسَمِعْتَ جَابِرًا يَذْكُرُ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: نَعَمْ» مُتَّفَقٌ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا الْأَخِيرَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِأَحْمَدَ) .
ــ
نيل الأوطار
جَوَازَ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ الْإِجْمَاعُ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ إجْمَاعًا، وَلَا يَخْفَى مَا فِي دَعْوَى بَعْضِ هَذِهِ الْجَمَاعَاتِ مِنْ الْمُجَازَفَةِ
وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَالْإِمَامِ يَحْيَى وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ الصَّلَاحِ تَمَسُّكًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} البقرة: ٢٧٥ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَيُؤْمَرُ بِالْقَطْعِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هُوَ مَا قَدَّمْنَا فَأَمَّا الْبَيْعُ بَعْدَ الصَّلَاحِ فَيَصِحُّ مَعَ شَرْطِ الْقَطْعِ إجْمَاعًا وَيَفْسُدُ مَعَ شَرْطِ الْبَقَاءِ إجْمَاعًا إنْ جُهِلَتْ الْمُدَّةُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ. قَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: فَإِنْ عُلِمَتْ صَحَّ عِنْدَ الْقَاسِمِيَّةِ إذْ لَا غَرَرَ. وَقَالَ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ: لَا يَصِحُّ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَغَيْرِهَا الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ الصَّلَاحِ، وَأَنَّ وُقُوعَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَاطِلٌ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى النَّهْيِ، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مُجَرَّدَ شَرْطِ الْقَطْعِ يُصَحِّحُ الْبَيْعَ قَبْلَ الصَّلَاحِ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى دَلِيلٍ يَصْلُحُ لِتَقْيِيدِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ، وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ لَا صِحَّةَ لَهَا لِمَا عَرَفْتَ مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَقُولُونَ بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا، وَقَدْ عَوَّلَ الْمُجَوِّزُونَ مَعَ شَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْجَوَازِ عَلَى عِلَلٍ مُسْتَنْبَطَةٍ فَجَعَلُوهَا مُقَيِّدَةً لِلنَّهْيِ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُفِيدُ مَنْ لَمْ يَسْمَحْ بِمُفَارَقَةِ النُّصُوصِ لِمُجَرَّدِ خَيَالَاتٍ عَارِضَةٍ وَشُبَهٍ وَاهِيَةٍ تَنْهَارُ بِأَيْسَرِ تَشْكِيكٍ، فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا.
وَظَاهِرُ النُّصُوصِ أَيْضًا أَنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ ظُهُورِ الصَّلَاحِ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ شُرِطَ الْبَقَاءُ أَمْ لَمْ يُشْرَطْ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ جَعَلَ النَّهْيَ مُمْتَدًّا إلَى غَايَةِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَمَا بَعْدَ الْغَايَةِ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ شَرْطَ الْبَقَاءِ مُفْسِدٌ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَلَا يَنْفَعُهُ فِي الْمَقَامِ مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي تَجْوِيزِهِ لِلْبَيْعِ قَبْلَ الصَّلَاحِ مَعَ شَرْطِ الْقَطْعِ وَهُوَ بَيْعٌ وَشَرْطٌ، وَأَيْضًا لَيْسَ كُلُّ شَرْطٍ فِي الْبَيْعِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ جَابِرٍ بَعْدَ بَيْعِهِ لِلْجَمَلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ظَهْرُهُ إلَى الْمَدِينَةِ قَدْ صَحَّحَهُ الشَّارِعُ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ شَبِيهٌ بِالشَّرْطِ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ.
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا جَوَازُ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ فِي النَّخْلِ وَالْعَبْدِ لِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، وَأَمَّا دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى الْفَسَادِ بِشَرْطِ الْبَقَاءِ كَمَا سَلَفَ فَدَعْوَى فَاسِدَةٌ، فَإِنَّهُ قَدْ حَكَى صَاحِبُ الْفَتْحِ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ بَعْدَ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْبَقَاءِ وَلَمْ يُحْكَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ إلَّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا بَيْعُ الزَّرْعِ أَخْضَرَ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْقَصِيلُ، فَقَالَ ابْنُ رِسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ الْمَشْهُورُونَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْقَصِيلِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَخَالَفَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى فَقَالَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ.
وَقَدْ اتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْقَصِيلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَخَالَفَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فَأَجَازَ بَيْعَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ تَمَسُّكًا بِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ عَنْ السُّنْبُلِ. قَالَ: وَلَمْ يَأْتِ فِي مَنْعِ بَيْعِ الزَّرْعِ مُذْ نَبَتَ إلَى أَنْ يُسَنْبِلَ نَصٌّ أَصْلًا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ عَنْ