. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نيل الأوطار
مَأْزُورٌ وَتَكُونُ نَفْسُهُ بِذَلِكَ طَيِّبَةً لِئَلَّا تُعْدَمَ النِّيَّةُ فَيَفْقِدَ الْأَجْرَ وَهِيَ قُيُودٌ لَا بُدَّ مِنْهَا قَوْلُهُ: (مِثْلُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي تَسَاوِيَهُمْ فِي الْأَجْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ حُصُولَ الْأَجْرِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ أَجْرُ الْكَاسِبِ أَوْفَرَ، لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ " يُشْعِرُ بِالتَّسَاوِي.
قَوْلُهُ: (لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ عَدَمُ الْمُسَاهَمَةِ وَالْمُزَاحَمَةِ فِي الْأَجْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ مُسَاوَاةَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. قَوْلُهُ: (عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ) ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُنْفِقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَكُونُ لَهَا أَوْ لَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ عَلَى اخْتِلَافِ النُّسْخَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي، وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِمِقْدَارِ الْأَجْرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ، لِأَنَّ أَقْوَالَ الصَّحَابَةِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ وَلَا سِيَّمَا إذَا عَارَضَتْ الْمَرْفُوعَ وَإِنَّمَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ نَهْيُ الْمَرْأَةِ عَنْ الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ إلَّا بِإِذْنٍ، وَالنَّهْيُ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ، وَالْمُحَرَّمُ لَا يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ عَلَيْهِ ثَوَابًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ فَقَطْ، وَالْقَرِينَةُ الصَّارِفَةُ إلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ أَسْمَاءَ، وَكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ لَا تُنَافِي الْجَوَازَ وَلَا تَسْتَلْزِمُ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ، يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى مَا إذَا أَنْفَقَتْ مِنْ الَّذِي يَخُصُّهَا إذَا تَصَدَّقَتْ بِهِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ كَوْنُهُ مِنْ كَسْبِهِ فَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهَا بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ، لَكِنْ انْتَفَى مَا كَانَ بِطَرِيقِ التَّفْصِيلِ. قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وَإِلَّا فَحَيْثُ كَانَ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا إجْمَالًا وَلَا تَفْصِيلًا، فَهِيَ مَأْزُورَةٌ بِذَلِكَ لَا مَأْجُورَةٌ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الطَّيَالِسِيُّ وَغَيْرِهِ اهـ قَوْلُهُ: (فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ) هَكَذَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى " فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ " وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى يَكُونُ لِلرَّجُلِ الَّذِي تَصَدَّقَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ كَسْبِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ نِصْفُ أَجْرِهِ عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِ الْإِذْنِ مِنْهُ لَهَا، وَعَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ الْمُتَصَدِّقَةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا نِصْفُ أَجْرِهَا عَلَى تَقْدِيرِ إذْنِهِ لَهَا.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: أَوْ الْمَعْنَى بِالنِّصْفِ أَنَّ أَجْرَهُ وَأَجْرَهَا إذَا جُمِعَا كَانَ لَهَا النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَجْرٌ كَامِلٌ وَهُمَا اثْنَانِ فَكَأَنَّهُمَا نِصْفَانِ. قَوْلُهُ: (أَنْ أُرْضِخَ) بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: رَضَخَ لَهُ: أَعْطَاهُ عَطَاءً غَيْرَ كَثِيرٍ. (قَوْلُهُ وَلَا تُوعِي فَيُوعِي اللَّهُ عَلَيْكِ) بِالنَّصْبِ لِكَوْنِهِ جَوَابَ النَّهْيِ، وَالْمَعْنَى لَا تَجْمَعِي فِي الْوِعَاءِ وَتَبْخَلِي بِالنَّفَقَةِ فَتُجَازِي بِمِثْلِ ذَلِكَ.
٢٤٩٧ - (وَعَنْ سَعْدٍ قَالَ: «لَمَّا بَايَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ قَالَتْ امْرَأَةٌ جَلِيلَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نِسَاءِ مُضَرَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنَّا كَلٌّ عَلَى آبَائِنَا وَأَبْنَائِنَا - قَالَ أَبُو دَاوُد: وَأَرَى فِيهِ: وَأَزْوَاجِنَا فَمَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ؟ قَالَ: الرَّطْبُ تَأْكُلْنَهُ وَتُهْدِينَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: الرَّطْبُ: الْخُبْزُ وَالْبَقْلُ وَالرُّطَبُ) .
٢٤٩٨ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلَالٍ، فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ، وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَقَالَ: تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ، فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سَطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ؛ قَالَتْ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرَاطِهِنَّ وَخَوَاتِيمِهِنَّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .