أَبْوَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَابٌ فِي شَرْعِيَّتِهِ
٢٢٣ - (عَنْ جَرِيرٍ، أَنَّهُ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقِيلَ لَهُ: تَفْعَلُ هَكَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» ، قَالَ إبْرَاهِيمُ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
ــ
نيل الأوطار
بِضَمِّ الْغَيْنِ اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: (مِلْحَفَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ.
أَبْوَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
بَابٌ فِي شرعية الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَزَادَ (فَقَالَ جَرِيرٌ: مَا سُئِلَ هَلْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْمَائِدَةِ أَوْ بَعْدَهَا؟ مَا أَسْلَمْت إلَّا بَعْدَ الْمَائِدَةِ) . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: (فَقُلْت لَهُ أَقْبَلَ الْمَائِدَةِ أَمْ بَعْدَهَا؟ فَقَالَ جَرِيرٌ: مَا أَسْلَمْت إلَّا بَعْدَ الْمَائِدَةِ) . وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُفَسِّرٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَنْ أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ تَأَوَّلَ مَسْحَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ فَيَكُونُ مَنْسُوخًا.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: لَيْسَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَنْ الصَّحَابَةِ اخْتِلَافٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْهُمْ إنْكَارُهُ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إثْبَاتُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ مَنْ رَوَى عَنْ أَحَدٍ مِنْ فُقَهَاءِ السَّلَفِ إنْكَارُهُ إلَّا عَنْ مَالِكٍ، مَعَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ مُصَرِّحَةٌ عَنْهُ بِإِثْبَاتِهِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إلَى إنْكَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَعْرُوفُ الْمُسْتَقِرُّ عِنْدَهُمْ الْآنَ قَوْلَانِ: الْجَوَازُ مُطْلَقًا، ثَانِيهِمَا: لِلْمُسَافِرِ دُونِ الْمُقِيمِ. وَعَنْ ابْنِ نَافِعٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ أَنَّ مَالِكًا إنَّمَا كَانَ يَتَوَقَّفُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مَعَ إفْتَائِهِ بِالْجَوَازِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، أَوْ نَزْعُهُمَا وَغَسْلُ الْقَدَمَيْنِ؟ وَاَلَّذِي أَخْتَارُهُ أَنَّ الْمَسْحَ أَفْضَلُ لِأَجْلِ مَنْ طَعَنَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ. قَالَ: وَإِحْيَاءُ مَا طَعَنَ فِيهِ الْمُخَالِفُونَ مِنْ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ انْتَهَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَقَدْ رَوَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ مِنْ الصَّحَابَةِ، قَالَ الْحَسَنُ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ» أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ مِنْ الْحُفَّاظِ بِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مُتَوَاتِرٌ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ رُوَاتَهُ فَجَاوَزُوا الثَّمَانِينَ مِنْهُمْ الْعَشَرَةُ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا عَنْ