. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نيل الأوطار
يُجِيزُهَا إلَّا بَعْضَ الرَّافِضَةِ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلٍ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ وَقَالَ عِيَاضٌ: ثُمَّ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ مِنْ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِهَا إلَّا الرَّوَافِضَ وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: رَوَى أَهْلُ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إبَاحَةَ الْمُتْعَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ، وَإِجَازَةُ الْمُتْعَةِ عَنْهُ أَصَحُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ، قَالَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْآنَ أُبْطِلَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ، إلَّا قَوْلَ زُفَرَ أَنَّهُ جَعَلَهَا كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ
وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ» وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: تَحْرِيمُ الْمُتْعَةِ كَالْإِجْمَاعِ إلَّا عَنْ بَعْضِ الشِّيعَةِ، وَلَا يَصِحُّ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي الرُّجُوعِ فِي الْمُخَالَفَاتِ إلَى عَلِيٍّ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهَا نُسِخَتْ وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُتْعَةِ فَقَالَ: هِيَ الزِّنَى بِعَيْنِهِ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مَا حَكَاهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ الْجَوَازِ خَطَأٌ، فَقَدْ بَالَغَ الْمَالِكِيَّةُ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ حَتَّى أَبْطَلُوا تَوْقِيتَ الْحِلِّ بِسَبَبِهِ فَقَالُوا: لَوْ عُلِّقَ عَلَى وَقْتٍ لَا بُدَّ مِنْ مَجِيئِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْآنَ لِأَنَّهُ تَوْقِيتٌ لِلْحِلِّ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ
قَالَ عِيَاضٌ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْبُطْلَانِ التَّصْرِيحُ بِالشَّرْطِ، فَلَوْ نَوَى عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْ يُفَارِقَ بَعْدَ مُدَّةٍ صَحَّ نِكَاحُهُ إلَّا الْأَوْزَاعِيَّ فَأَبْطَلَهُ وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يُحَدُّ نَاكِحُ الْمُتْعَةِ أَوْ يُعَزَّرُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ زَمَنَ إبَاحَةِ الْمُتْعَةِ لَمْ يَطُلْ وَأَنَّهُ حُرِّمَ، ثُمَّ أَجْمَعَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَى تَحْرِيمِهَا إلَّا مَنْ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ مِنْ الرَّوَافِضِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِتَفَرُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِبَاحَتِهَا، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَصْحَابُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ عَلَى إبَاحَتِهَا، ثُمَّ اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى تَحْرِيمِهَا
وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي بَعْدَ مَا حَكَى عَنْ ابْنِ حَزْمٍ كَلَامَهُ السَّالِفَ الْمُتَضَمِّنَ لِرِوَايَةِ جَوَازِ الْمُتْعَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مُنَاقَشَاتٍ فَقَالَ: وَفِي جَمِيعِ مَا أَطْلَقَهُ نَظَرٌ، أَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَالَ الْحَازِمِيُّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَذْكُورَ: فِي الْبَابِ مَا لَفْظُهُ: وَهَذَا الْحُكْمُ كَانَ مُبَاحًا مَشْرُوعًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ لِلسَّبَبِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ يَكُونُ فِي أَسْفَارِهِمْ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاحَهُ لَهُمْ وَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ وَلِهَذَا نَهَاهُمْ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ أَبَاحَهُ لَهُمْ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ حَتَّى حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَ تَحْرِيمَ تَأْبِيدٍ لَا تَوْقِيتٍ، فَلَمْ يَبْقَ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَئِمَّةِ الْأُمَّةِ إلَّا شَيْئًا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الشِّيعَةِ
وَيُرْوَى أَيْضًا عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ جَوَازُهُ انْتَهَى. إذَا تَقَرَّرَ لَك مَعْرِفَةُ مَنْ قَالَ بِإِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ فَدَلِيلُهُمْ عَلَى الْإِبَاحَةِ مَا ثَبَتَ مِنْ إبَاحَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا فِي مَوَاطِنَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، كَمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ