بَابُ مَا جَاءَ فِي نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ وَسُكْنَاهَا
٢٩٤٦ - (عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا قَالَ: «لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا قَالَتْ: «طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا فَلَمْ يَجْعَلْ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ: «طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَعْتَدَّ فِي أَهْلِي» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
٢٩٤٧ - (وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ: «أَلَمْ تَرَيْ إلَى فُلَانَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَلْبَتَّةَ، فَخَرَجَتْ، فَقَالَ: بِئْسَمَا صَنَعَتْ؛ فَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِي إلَى قَوْلِ فَاطِمَةَ، فَقَالَتْ: أَمَا إنَّهُ لَا خَيْرَ لَهَا فِي ذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ عَائِشَةَ عَابَتْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْعَيْبِ وَقَالَتْ: إنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَان وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ) .
٢٩٤٨ - (وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَأَخَافُ أَنْ يَقْتَحِمَ عَلَيَّ، فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ) .
٢٩٤٩ - (وَعَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً، فَأَخَذَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ كَفًّا مِنْ حَصًى فَحَصَبَهُ بِهِ وَقَالَ: وَيْلَكَ تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا؟ قَالَ عُمَرُ: لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
٢٩٥٠ - (وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةُ قَالَ: «أَرْسَلَ مَرْوَانُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ
ــ
نيل الأوطار
الِاحْتِمَالِ، وَالْمُحْتَمَلُ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ. وَقَدْ أَطَالَ صَاحِبُ الْهَدْيِ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَحَرَّرَ فِيهَا الْمَذَاهِبَ تَحْرِيرًا نَفِيسًا. فَمَنْ رَامَ الْوُقُوفَ عَلَى تَفَاصِيلِهَا فَلِيُرَاجِعْهُ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ وَسُكْنَاهَا
قَوْلُهُ: (أَلَمْ تَرَيْ إلَى فُلَانَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ) اسْمُهَا عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، فَهِيَ بِنْتُ أَخِي مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَنَسَبَهَا عُرْوَةُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إلَى جَدِّهَا. قَوْلُهُ: (بِئْسَمَا صَنَعَتْ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " بِئْسَمَا صَنَعَ " أَيْ زَوْجُهَا فِي تَمْكِينِهَا مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَبُوهَا فِي مُوَافَقَتِهَا. قَوْلُهُ: (أَمَا إنَّهُ لَا خَيْرَ لَهَا فِي ذَلِكَ) كَأَنَّهَا تُشِيرُ إلَى أَنَّ سَبَبَ الْإِذْنِ فِي انْتِقَالِ فَاطِمَةَ مَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ فِي مَكَان وَحْشٍ، أَوْ إلَى مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد " إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الْخُلُقِ ". قَوْلُهُ: (وَحْشٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ: أَيْ مَكَان لَا أَنِيسَ بِهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُطَلَّقَةَ بَائِنًا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَى زَوْجِهَا شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَأَتْبَاعُهُمْ، وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالْإِمَامِيَّةِ وَالْقَاسِمِ
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَمَا حَكَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْفَتْحِ عَنْهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَلَهَا السُّكْنَى. وَاحْتَجُّوا لِإِثْبَاتِ السُّكْنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} الطلاق: ٦ وَلِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ بِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق: ٦ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ غَيْرَ الْحَامِلِ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ. وَذَهَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَالنَّاصِرُ وَالْإِمَامُ يَحْيَى إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: