بَابُ فِي أَنَّ الدَّمَ حَقٌّ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
٣٠٢٣ - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ عَصَبَتُهَا مَنْ كَانُوا وَلَا يَرِثُوا مِنْهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا وَإِنْ قَتَلَتْ فَعَقْلُهَا بَيْنَ وَرَثَتِهَا وَهُمْ يَقْتُلُونَ قَاتِلَهَا» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ
٣٠٢٤ - وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَعَلَى الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يَنْحَجِزُوا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَرَادَ بِالْمُقْتَتِلِينَ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ الطَّالِبِينَ الْقَوَدَ وَيَنْحَجِزُوا أَيْ يَنْكَفُّوا عَنْ الْقَوَدِ بِعَفْوِ أَحَدِهِمْ وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً وَقَوْلُهُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ أَيْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ
ــ
نيل الأوطار
حَسَّانُ ثُمَّ عَفَا» وَهَذَا الْحَدِيثُ إنْ صَحَّ فَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَرِينَةٌ لِصَرْفِهِ مِنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ إلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ كَمَا أَنَّهُ قَرِينَةٌ لِصَرْفِ النَّهْي الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ إلَى الْكَرَاهَةِ.
وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ ظُهُورَ مَفْسَدَةِ التَّعْجِيلِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرِينَةُ أَنَّ أَمْرَهُ الْأَنْصَارَ بِالِانْتِظَارِ لِلْوُجُوبِ، لِأَنَّ دَفْعَ الْمَفَاسِدِ وَاجِبٌ كَمَا قَالَ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ. فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَحَلَّ الْحُجَّةِ هُوَ إذْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاقْتِصَاصِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَهُوَ لَا يَأْذَنُ إلَّا بِمَا كَانَ جَائِزًا، وَظُهُورُ الْمَفْسَدَةِ غَيْرُ قَادِحٍ فِي الْجَوَازِ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ ظُهُورُهَا بِكُلِّيٍّ وَلَا أَكْثَرِيٍّ حَتَّى تَكُونَ مَعْلُومَةً عِنْدَ الِاقْتِصَاصِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ أَوْ مَظْنُونَةً، فَلَا يَجِبُ تَرْكُ الْإِذْنِ دَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ النَّاشِئَةِ مِنْهُ نَادِرًا نَعَمْ قَوْلُهُ " ثُمَّ نَهَى أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ. . . إلَخْ " يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الِاقْتِصَاصِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ لِأَنَّ لَفْظَ " ثُمَّ " يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ فَيَكُونُ الْمَنْهِيُّ الْوَاقِعُ بَعْدَهَا نَاسِخًا لِلْإِذْنِ الْوَاقِعِ قَبْلَهَا.
بَابُ فِي أَنَّ الدَّمَ حَقٌّ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمَكْحُولِيُّ، وَقَدْ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ هَذَا طَرَفٌ مِنْهُ، وَقَدْ بَسَطَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي إسْنَادِهِ حِصْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: ابْنُ مِحْصَنٍ أَبُو حُذَيْفَةَ الدِّمَشْقِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمِ الرَّازِيّ: لَا أَعْلَمُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ الْأَوْزَاعِيِّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا نَسَبَهُ قَوْلُهُ: (أَنْ يَعْقِلَ) الْعَقْلُ: الدِّيَةُ، وَالْمُرَادُ هَهُنَا بِقَوْلِهِ " أَنْ يَعْقِلَ " أَنْ يَدْفَعَ عَنْ الْمَرْأَةِ مَا لَزِمَهَا مِنْ الدِّيَةِ عَصَبَتُهَا، وَالْعَصَبَةُ مُحَرَّكَةً الَّذِينَ يَرِثُونَ الرَّجُلَ عَنْ كَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِ وَالِدٍ وَلَا وَلَدٍ. فَأَمَّا فِي الْفَرَائِضِ فَكُلُّ مَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ فَهُوَ عَصَبَةٌ إنْ بَقِيَ بَعْدَ الْفَرْضِ أَحَدٌ. وَقَوْمُ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَتَعَصَّبُونَ لَهُ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْحَجِزُوا)