. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نيل الأوطار
عَلَى هَذَا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ السِّين الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا وَتَحْتِيَّةٌ وَفَاءٌ كَالْأَجِيرِ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَقَدْ وَقَعَ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مُدْرَجًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ بِلَفْظِ: " كَانَ ابْنِي أَجِيرًا لِامْرَأَتِهِ " وَيُطْلَقُ الْعَسِيفُ عَلَى السَّائِلِ وَالْعَبْدِ وَالْخَادِمِ، وَالْعَسْفُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الْجَوْرُ، وَسُمِّيَ الْأَجِيرُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَعْسِفُهُ عَلَى الْعَهَلِ: أَيْ يَجُورُ عَلَيْهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ " عَلَى هَذَا " عِنْدَ هَذَا. قَوْلُهُ: (وَإِنِّي أُخْبِرْتُ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ. قَوْلُهُ: (جَلْدُ مِائَةٍ) بِالْإِضَافَةِ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ، وَقُرِئَ بِتَنْوِينِ جَلْدٍ وَنَصْبِ مِائَةٍ، قَالَ الْحَافِظُ: وَلَمْ يَثْبُتْ رِوَايَةً، قَوْلُهُ: (وَالْغَنَمُ رَدٌّ) أَيْ مَرْدُودٌ، وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى عَدَم حِلِّ الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الصُّلْحِ مَعَ عَدَمِ طِيبَةِ النَّفْسِ
قَوْلُهُ: (وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ) حُكْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجَلْدِ مِنْ دُونِ سُؤَالٍ عَنْ الْإِحْصَانِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِذَلِكَ مِنْ قَبْلُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: " وَابْنِي لَمْ يُحْصَنْ ". قَوْلُهُ: (يَا أُنَيْسٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا نُونٌ ثُمَّ تَحْتِيَّةٌ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ مُصَغَّرًا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ ابْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ. وَقِيلَ: ابْنُ مُرْشِدٍ. وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ: لَمْ أَدْرِ مَنْ هُوَ وَلَا ذُكِرَ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَغَلِطَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: إنَّهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنْصَارِيٌّ وَهَذَا أَسْلَمِيٌّ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَكْفِي الْإِقْرَارُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَبَيَانُ مَا هُوَ الْحَقُّ. وَقَدْ اسْتَشْكَلَ بَعْثُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَرْأَةِ مَعَ أَمْرِهِ لِمَنْ أَتَى الْفَاحِشَةَ السَّتْرَ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَعْثَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الْحَدِّ عَلَيْهَا بَلْ لِأَنَّهَا لَمَّا قُذِفَتْ بِالزِّنَا بَعَثَ إلَيْهَا لِتُنْكِرَ فَتُطَالِبَ بِحَدِّ الْقَذْفِ أَوْ تُقِرَّ بِالزِّنَا فَيَسْقُطَ حَدُّ الْقَذْفِ. قَوْلُهُ: (فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُجِمَتْ) فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: " فَغَدَا عَلَيْهَا فَرَجَمَهَا ".
وَفِي رِوَايَةٍ: " وَأَمَّا امْرَأَةُ هَذَا فَتُرْجَمُ " وَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ أَتَمُّ مِنْ سَائِرِ الرِّوَايَاتِ لِإِشْعَارِهَا بِأَنَّ أُنَيْسًا أَعَادَ جَوَابَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِهَا فَرَجَمَهَا. قَالَ الْحَافِظُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أُنَيْسًا لَمَّا اعْتَرَفَتْ أَعْلَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُبَالَغَةً فِي الِاسْتِثْبَاتِ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ عَلَّقَ لَهُ رَجْمَهَا عَلَى اعْتِرَافِهَا، وَلَكِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ: إنَّ أُنَيْسًا أَعْلَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَثْبُتَ بِشَهَادَتِهِ حَدُّ الزِّنَا، لَكِنَّهُ اخْتَصَرَ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الْبَعْضُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِإِقْرَارِ الزَّانِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَأُنَيْسٌ قَدْ فَوَّضَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُكْمَ
وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُنَيْسٌ قَدْ أَشْهَدَ قَبْلَ رَجْمِهَا. وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ فِي الْحُدُودِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ عِنْدَهُ وَأَبَى ذَلِكَ الْجُمْهُورُ. قَوْلُهُ: (بِنَفْيِ عَامٍ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ