. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نيل الأوطار
قَالَ: «ذُكِرَتْ الطِّيَرَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدَّ مُسْلِمًا، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِك» قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ: وَلَا صُحْبَةَ لِعُرْوَةِ الْقُرَشِيِّ تَصِحُّ.
وَذَكَر الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَدِيثُهُ مُرْسَلًا. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ الصَّحَابِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ بُرَيْدَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ، وَكَانَ إذَا بَعَثَ غُلَامًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ» وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: «لَا هَامَةَ وَلَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَإِنْ تَكُنْ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ» .
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشُّؤْمُ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «إنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَرْأَةِ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا: «إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الرَّبْعِ وَالْخَادِمِ وَالْفَرَسِ» .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا، كَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا، فَتَحَوَّلْنَا إلَى دَارٍ أُخْرَى فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا. وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ذَرُوهَا ذَمِيمَةً» .
وَأَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: دَارٌ سَكَنَّاهَا وَالْعَدَدُ كَثِيرٌ وَالْمَالُ وَافِرٌ فَقَلَّ الْعَدَدُ وَذَهَبَ الْمَالُ، فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا ذَمِيمَةٌ» وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِيثِ " الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ " فَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنَّ الدَّارَ قَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سُكْنَاهَا سَبَبًا لِلضَّرَرِ أَوْ الْهَلَاكِ، وَكَذَا اتِّخَاذُ الْمَرْأَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الْخَادِمِ قَدْ يَحْصُلُ الْهَلَاكُ عِنْدَهُ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: قَالَ كَثِيرُونَ: هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الطِّيَرَةِ: أَيْ الطِّيَرَةُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ دَارٌ يَكْرَهُ سُكْنَاهَا أَوْ امْرَأَةٌ يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا أَوْ فَرَسٌ أَوْ خَادِمٌ فَلْيُفَارِقْ الْجَمِيعَ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَطَلَاقِ الْمَرْأَةِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: شُؤْمُ الدَّارِ: ضِيقُهَا وَسُوءُ جِيرَانِهَا وَأَذَاهُمْ، وَشُؤْمُ الْمَرْأَةِ: عَدَمُ وِلَادَتِهَا وَسَلَاطَةُ لِسَانِهَا وَتَعَرُّضُهَا لِلرِّيَبِ وَشُؤْمُ الْفَرَسِ أَنْ لَا يُغْزَى عَلَيْهَا، وَقِيلَ: حِرَانُهَا وَغَلَاءُ ثَمَنِهَا وَشُؤْمُ الْخَادِمِ سُوءُ خُلُقِهِ وَقِلَّةُ تَعَهُّدِهِ لِمَا فُوِّضَ