بَابُ صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ
٣٢٢١ - (عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّيْثِيِّ «عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاتَيْنِ فَقَبِلَ مِنْهُ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ لَهُ: عَلَى أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا صَلَاةً فَقَبِلَ مِنْهُ) .
٣٢٢٢ - (وَعَنْ وَهْبٍ قَالَ: «سَأَلْت جَابِرًا عَنْ شَأْنِ ثَقِيفٍ إذْ بَايَعَتْ، فَقَالَ اشْتَرَطَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهَا وَلَا جِهَادَ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .
٣٢٢٣ - (وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ: أَسْلِمْ، قَالَ: أَجِدُنِي كَارِهًا، قَالَ: أَسْلِمْ وَإِنْ كُنْت كَارِهًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
بَابُ تَبَعِ الطِّفْلِ لِأَبَوَيْهِ فِي الْكُفْرِ وَلِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَصِحَّةِ إسْلَامِ الْمُمَيِّزِ
ــ
نيل الأوطار
أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِالِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ: " إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ ". قَالَ الْبَغَوِيّ: الْكَافِرُ إذَا كَانَ وَثَنِيًّا أَوْ ثَنَوِيًّا لَا يُقِرُّ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، فَإِذَا قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ثُمَّ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَيَبْرَأُ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ.
وَأَمَّا مَنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْوَحْدَانِيَّةِ مُنْكِرًا لِلنُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى يَقُولَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الرِّسَالَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ إلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، فَإِنْ كَانَ كُفْرُهُ بِجُحُودِ وَاجِبٍ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مُحَرَّمٍ فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْ اعْتِقَادِهِ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ " يُجْبَرُ " أَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْتَزِمْ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي خَبَرٍ مِنْ الْأَخْبَارِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» وَهِيَ غَفْلَةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْهُمَا كَمَا قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إلَى ذَلِكَ انْتَهَى.
بَابُ صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ
هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مُبَايَعَةُ الْكَافِرِ وَقَبُولُ الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا بَاطِلًا، وَأَنَّهُ يَصِحُّ إسْلَامُ مَنْ كَانَ كَارِهًا.
وَقَدْ سَكَتَ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ عَنْ حَدِيثِ وَهْبٍ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ «أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ