الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ فِي الْحَرْبِ لِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي ذَمِّهِ لِمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا.
وَفِيهِ أَنَّ مَالَ الْمُشْرِكِ الْمُعَاهَدِ لَا يُمْلَكُ بِغَنِيمَةٍ بَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ.
وَفِيهِ بَيَانُ طَهَارَةِ النُّخَامَةِ وَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ.
وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّفَاؤُلِ، وَأَنَّ الْمَكْرُوهَ الطِّيَرَةُ وَهِيَ التَّشَاؤُمُ.
وَفِيهِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا عُرِفَ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ أَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْجَدِّ.
وَفِيهِ أَنَّ مُصَالَحَةَ الْعَدُوِّ بِبَعْضِ مَا فِيهِ ضَيْمٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَائِزَةٌ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ دَفْعًا لِمَحْذُورٍ أَعْظَمَ مِنْهُ.
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ وَعَدَ أَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يُسَمِّ وَقْتًا فَإِنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي.
وَفِيهِ أَنَّ الْإِحْلَالَ نُسُكٌ عَلَى الْمُحْصَرِ، وَأَنَّ لَهُ نَحْرَ هَدْيِهِ بِالْحِلِّ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي نَحَرُوا فِيهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ مِنْ الْحِلِّ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} الفتح: ٢٥ وَفِيهِ أَنَّ مُطْلَقَ أَمْرِهِ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَنَّ الْأَصْلَ مُشَارَكَةُ أُمَّتِهِ لَهُ فِي الْأَحْكَامِ) .
(وَفِيهِ أَنَّ شَرْطَ الرَّدِّ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ خَرَجَ مُسْلِمًا إلَى غَيْرِ بَلَدِ الْإِمَامِ.
وَفِيهِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّهِنَّ لِلْآيَةِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي دُخُولِهِنَّ فِي الصُّلْحِ، فَقِيلَ: لَمْ يَدْخُلْنَ فِيهِ لِقَوْلِهِ: عَلَى أَنْ لَا يَأْتِيَك مِنَّا رَجُلٌ إلَّا رَدَدْتَهُ، وَقِيلَ: دَخَلْنَ فِيهِ لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ. لَكِنْ نُسِخَ ذَلِكَ أَوْ بُيِّنَ فَسَادُهُ بِالْآيَةِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ تَنْبِيهٌ عَلَى غَيْرِهِ.
) .
ــ
نيل الأوطار
قَوْلُهُ: (عَنْ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَرْوَانَ مُرْسَلَةٌ لِأَنَّهُ لَا صُحْبَةَ لَهُ، وَأَمَّا الْمِسْوَرُ فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَيْضًا مُرْسَلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ الْقِصَّةَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الشُّرُوطِ مِنْ صَحِيحِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ (الْمِسْوَرَ) وَمَرْوَانَ يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَا بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ سَمِعَ الْمِسْوَرُ وَمَرْوَانُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ شَهِدُوا هَذِهِ الْقِصَّةَ كَعَلِيٍّ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْمُغِيرَةِ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَغَيْرِهِمْ. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ هَذَا الْحَدِيثِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَنْ عُمَرَ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي مَكَانِهِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ هَذِهِ الْقِصَّةَ فَلَمْ يَذْكُرْ الْمِسْوَرَ وَلَا مَرْوَانَ لَكِنْ أَرْسَلَهَا، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهَا ابْنُ عَائِذٍ فِي الْمَغَازِي وَأَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ أَيْضًا عَنْ عُرْوَةَ مُنْقَطِعَةً
١ -
قَوْلُهُ: (زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ) هِيَ بِئْرٌ سُمِّيَ الْمَكَانُ بِهَا. وَقِيلَ شَجَرَةٌ حَدْبَاءُ صُغِّرَتْ وَسُمِّيَ الْمَكَانُ بِهَا. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: الْحُدَيْبِيَةُ قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ مَكَّةَ أَكْثَرُهَا فِي الْحَرَمِ. وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِهِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ» زَادَ سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي بِضْعِ عَشْرَةَ مِائَةً، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ.
وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ الْآفَاقِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ " خَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَلْفٍ وَثَمَانِ مِائَةٍ، وَبَعَثَ