بَابُ بَيَانِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا وَوُجُوبُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَقْتِ
٤٧٤ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَلِلْبُخَارِيِّ: «إذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ» ) .
٤٧٥ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْعَصْرِ سَجْدَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَوْ مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالسَّجْدَةُ هُنَا الرَّكْعَةُ) .
ــ
نيل الأوطار
بَابُ بَيَانِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا
قَوْلُهُ: (فَقَدْ أَدْرَكَ) قَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالرَّكْعَةِ مُدْرِكًا لِكُلِّ الصَّلَاةِ وَتَكْفِيهِ، وَتَحْصُلُ الصَّلَاةُ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ بَلْ هُوَ مُتَأَوَّلٌ، وَفِيهِ إضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ، فَقَدْ أَدْرَكَ حُكْمَ الصَّلَاةِ أَوْ وُجُوبَهَا أَوْ فَضْلَهَا انْتَهَى. وَقِيلَ: يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَدْرَكَ الْوَقْتَ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَصَلَّى مَا بَقِيَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَمْ تَفُتْهُ الْعَصْرُ» . وَقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الصُّبْحِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا " فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ " وَلِلنَّسَائِيِّ «فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا إلَّا أَنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ» وَلِلْبَيْهَقِيِّ: " فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى " وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الرَّدُّ عَلَى الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ خَصَّ الْإِدْرَاكَ بِاحْتِلَامِ الصَّبِيِّ وَطُهْرِ الْحَائِضِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ نُصْرَةَ مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً تَفْسُدْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْمِلُهَا إلَّا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَتَنَاوَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ وَهِيَ خِلَافِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَبِهَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: مَنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ نَاسِخَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ الْحَافِظُ: