٤٩٢ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَكُنَّا إذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا إلَى الصَّلَاةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ)
ــ
نيل الأوطار
مَرَّتَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ انْتَهَى
وَقَدْ أَجَابَ الْقَائِلُونَ بِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا: أَنَّ مِنْ شَرْطِ النَّاسِخِ أَنْ يَكُونَ أَصَحَّ سَنَدًا وَأَقْوَمَ قَاعِدَةً، وَهَذَا مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النَّاسِخِ مُجَرَّدُ الصِّحَّةِ لَا الْأَصَحِّيَّةُ وَمِنْهَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْأَئِمَّةِ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، وَرَوَوْا مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَحْذُورَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَازِمِيُّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَهَذَا الْوَجْهُ غَيْرُ نَافِعٍ. لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، غَايَةُ مَا اعْتَذَرُوا بِهِ عَدَمُ الْحِفْظِ وَقَدْ حَفِظَ غَيْرُهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَنْ عَلِمَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَا يَعْلَمُ
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْإِيتَارِ إقَامَةً عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ فَلَيْسَتْ كَرِوَايَتِهِ التَّشْفِيعَ عَلَى أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الزِّيَادَةِ. وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ تَثْنِيَةَ الْإِقَامَةِ لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا مَحْفُوظَةٌ، وَأَنَّ الْحَدِيثَ بِهَا ثَابِتٌ لَكَانَتْ مَنْسُوخَةً، فَإِنَّ أَذَانَ بِلَالٍ هُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا عَادَ مِنْ حُنَيْنٌ وَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ أَقَرَّ بِلَالًا» عَلَى أَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ. قَالُوا: وَقَدْ قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدِ فَتْحِ مَكَّةَ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى أَذَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَهَذَا أَنْهَضُ مَا أَجَأَبُوا بِهِ، وَلَكِنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى نَقْلٍ صَحِيحٍ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ بَعْدَ رُجُوعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ، وَأَفْرَدَ الْإِقَامَةَ، وَمُجَرَّدُ قَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ لَا يَكْفِي، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَ دَلِيلًا لِمَذْهَبِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الْكُلِّ، وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ عَقِبَ الْآخَرِ مُشْعِرٌ بِجَوَازِ الْجَمِيعِ لَا بِالنَّسْخِ.
٤٩٢ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَكُنَّا إذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا إلَى الصَّلَاةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُؤَذِّنُ قَالَ شُعْبَةُ: لَا يُحْفَظُ لِأَبِي جَعْفَرٍ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ مِهْرَانَ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ: اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ حَبِيبٍ الْخِطْمِيَّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَوَهَمَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ. وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الْحَافِظُ: وَأَظُنُّ سَعِيدًا وَهَمَ فِيهِ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ شُعْبَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ سَعِيدٌ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ الْقَرَظِ مَرْفُوعًا، «كَانَ أَذَانُ بِلَالٍ مَثْنَى مَثْنَى وَإِقَامَتُهُ