بَابُ تَعَيُّنِ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ
٢٤ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ إذَا اُضْطُرِرْنَا إلَيْهَا قَالَ: إذَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهَا فَاغْسِلُوهَا بِالْمَاءِ وَاطْبُخُوا فِيهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
٢٥ - (وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ «أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ فَنَطْبُخُ فِي قُدُورِهِمْ وَنَشْرَبُ فِي آنِيَتِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالرَّحْضُ: الْغَسْلُ) .
ــ
نيل الأوطار
الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارِمِيُّ قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّك أَثَرُهُ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْحَوَادِّ وَهُوَ مَذْهَبُ النَّاصِرِ وَالْمَنْصُورِ بِاَللَّهِ وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَذَهَبَ. الشَّافِعِيُّ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ يَحْيَى عَنْ الْعِتْرَةِ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْحَادِّ الْمُعْتَادِ. لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «حُكِّيهِ بِضِلَعٍ وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إسْنَادُهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ؛ لِأَنَّ الْحَكَّ إنَّمَا هُوَ الْفَرْكُ بِالْأَصَابِعِ، وَالنِّزَاعُ فِي غَيْرِهِ، وَيُرَدَّ بِأَنَّ آخِرَ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: " وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ " يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْحَادِّ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ: " فَلْتُغَيِّرْهُ بِشَيْءٍ مِنْ صُفْرَةٍ ".
وَأُجِيبُ بِأَنَّ التَّغْيِيرَ لَيْسَ بِإِزَالَةٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهَا: «وَلَقَدْ كُنْت أَحِيضُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ حِيَضٍ لَا أَغْسِلُ» وَيُرَدُّ بِأَنَّ مُجَرَّدَ اسْتِعْمَالِ الصُّفْرَةِ يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ كَاسْتِعْمَالِ السِّدْرِ.
وَقِيلَ: يَكُونُ اسْتِعْمَالُ الْحَوَادِّ مَنْدُوبًا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: " لَا يَضُرُّك أَثَرُهُ " أَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ النَّجَاسَةِ الَّذِي عَسُرَتْ إزَالَتُهُ لَا يَضُرُّ، لَكِنْ بَعْدَ التَّغَيُّرِ بِزَعْفَرَانٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَتَّى يَذْهَبَ لَوْنُ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ، وَرُبَّمَا نَسَبَهَا مَنْ رَآهُ إلَى التَّقْصِيرِ فِي إزَالَتِهِ.
قَوْلُهُ: (لَا أَغْسِلُ لِي ثَوْبًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ حَتَّى تَظْهَرَ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَيَجِبُ غَسْلُهَا. .
بَابُ تَعَيُّنِ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ
الْحَدِيثُ الثَّانِي يَشْهَد لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ بِلَفْظِ: قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ قَالَ: إنْ