بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ وَالْأَخْضَرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُلَوَّنَاتِ
٥٦٥ - (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَسُوا ثِيَابَ الْبَيَاضِ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
٥٦٦ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَلْبَسَهَا الْحِبَرَةَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ)
ــ
نيل الأوطار
بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ وَالْأَخْضَرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُلَوَّنَاتِ
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ، وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ إلَّا النَّسَائِيّ بِلَفْظِ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابَكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِمَعْنَاهُ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْحَاكِمِ: «خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضُ فَأَلْبِسُوهَا أَحْيَاءَكُمْ وَكَفِّنُوا بِهَا مَوْتَاكُمْ» وَصَحَّحَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ ابْنُ الْقَطَّانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ. وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ. وَعِنْدِ الْبَزَّارِ فِي مُسْنَدِهِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ يَرْفَعُهُ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: «أَحْسَنُ مَا زُرْتُمْ اللَّهَ بِهِ فِي قُبُورِكُمْ وَمَسَاجِدِكُمْ الْبَيَاضُ»
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ لُبْسِ الْبَيَاضِ وَتَكْفِينُ الْمَوْتَى بِهِ كَوْنُهُ أَطْهَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَطْيَبَ، أَمَّا كَوْنُهُ أَطْيَبَ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا كَوْنُهُ أَطْهَرَ فَلِأَنَّ أَدْنَى شَيْءٍ يَقَعُ عَلَيْهِ يَظْهَرُ فَيُغْسَلُ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ النَّجَاسَةِ فَيَكُونُ نَقِيًّا كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دُعَائِهِ: «وَنَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ» وَالْأَمْرُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ، أَمَّا فِي اللِّبَاسِ فَلِمَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ لُبْسِ غَيْرِهِ وَإِلْبَاسِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ثِيَابًا غَيْرَ بِيضٍ، وَتَقْرِيرُهُ لِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِ لُبْسِ الْبَيَاضِ، وَأَمَّا فِي الْكَفَنِ فَلِمَا ثَبَتَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد. قَالَ الْحَافِظُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُكُمْ فَوَجَدَ شَيْئًا فَلْيُكَفَّنْ فِي ثَوْبِ حِبَرَةٍ» .
٥٦٦ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَلْبَسَهَا الْحِبَرَةَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ) .
قَوْلُهُ: (الْحِبَرَةُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحِبَرَةُ كَعِنَبَةٍ: بُرْدٌ يَمَانٍ يَكُونُ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ، سُمِّيَتْ حِبَرَةً لِأَنَّهَا مُحَبَّرَةٌ أَيْ مُزَيَّنَةٌ وَالتَّحْبِيرُ: التَّزْيِينُ وَالتَّحْسِينُ وَالتَّخْطِيطُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا الْخَمِيرَ،