. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نيل الأوطار
بِي إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ، وَقَالَ أَبْلِي وَأَخْلِقِي مَرَّتَيْنِ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ، وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إلَيَّ، وَيَقُولُ: يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَا هَذَا سَنَا وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْحَسَنُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
قَوْلُهُ: (خَمِيصَةٌ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ لَهُ عَلَمَانِ.
قَوْلُهُ: (نَكْسُو هَذِهِ) بِالنُّونِ لِلْمُتَكَلِّمِ.
قَوْلُهُ: (فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ
قَوْلُهُ: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي) هَذَا مِنْ بَابِ التَّفَاؤُلِ وَالدُّعَاءِ لِلَّابِسِ بِأَنْ يُعَمِّرَ وَيَلْبَسَ ذَلِكَ الثَّوْبَ حَتَّى يَبْلَى وَيَصِيرَ خَلَقًا، وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا كَذَلِكَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ فَقَالَ: الْبَسْ جَدِيدًا وَعِشْ حَمِيدًا وَمُتْ شَهِيدًا» .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: " كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا لَبِسَ أَحَدُهُمْ ثَوْبًا جَدِيدًا قِيلَ لَهُ تُبْلِي وَيُخْلِفُ اللَّهُ تَعَالَى " سَنَدُهُ صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ: (هَذَا سَنَّا) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَفِيهِ جَوَازُ التَّكَلُّمِ بِاللُّغَةِ الْعَجَمِيَّةِ وَمَعْنَاهُ حَسَنٌ. وَالْحَدِيثُ يَدُلّهُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ لِبَاسُ الثِّيَابِ السُّودِ وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا.
٥٧٠ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ وَيَدَّهِنُ بِالزَّعْفَرَانِ، فَقِيلَ لَهُ لِمَ تَصْبُغُ ثِيَابَك وَتَدَّهِنُ بِالزَّعْفَرَانِ؟ فَقَالَ: إنِّي رَأَيْته أَحَبَّ الْأَصْبَاغِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَّهِنُ بِهِ وَيَصْبُغُ بِهِ ثِيَابَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ وَفِي لَفْظِهِمَا: وَلَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ) . الْحَدِيثُ فِي إسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ كَمَا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ الزَّعْفَرَانَ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا» قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ الْخِضَابَ لِلِّحْيَةِ بِالصُّفْرَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: أَرَادَ يُصَفِّرُ ثِيَابَهُ وَيَلْبَسُ ثِيَابًا صُفْرًا انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الثَّانِي تِلْكَ الزِّيَادَةُ الَّتِي أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
قَوْلُهُ (حَتَّى عِمَامَتَهُ) بِالنَّصْبِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَبْغِ الثِّيَابِ بِالصُّفْرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ نَهْيِ الرِّجَالِ عَنْ الْمُعَصْفَرِ. وَفِيهِ أَيْضًا مَشْرُوعِيَّةُ الِادِّهَانِ بِالزَّعْفَرَانِ. وَمَشْرُوعِيَّةُ صِبَاغُ اللِّحْيَةِ بِالصُّفْرَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ: «إنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا تَصْبُغُ فَخَالِفُوهُمْ وَاصْبُغُوا» قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: